Page 17 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 17
مفهوم ًّيا أبقى الشاعر على القضايا كان لا بد أن تنتظروا
لكنه لم يتوقع أب ًدا
الوطنية العامة ،ولكن من دون أن
أن يتجرأ أحدهم قائ ًل:
تحتفظ بصدارتها كما كان الحال مولاي ..هل كنت تأمرنا بغير ذلك؟
في التجربة الأولى ،وأدخل عد ًدا ***
آخر من عناصر المقول الشعري يسوق الشاعر نصه على هيئة حكاية مروية
عن بعد ،تبدو أحداثها محدودة ،تبدأ هادئة
الأكثر قر ًبا للوقائع اليومية التي
أقرب إلى الصمت وتنتهي صاخبة دموية
مثلت الراهن المعيش ،من مثل صادمة ،فالمشهد يبدأ بالتحديدين الزمني
والمكاني اللذين بدوا صارمين بوصفهما
التفاصيل اليومية ،والتأملات، علة للحدث الذي سينمو (في الظهيرة/
الشمس في كبد الأرض) ،أما أشياء المشهد،
والمراجعات ،في (عندما كنت أو العناصر الثانوية فيه ،فهي في الغالب
تفاصيل بصرية تمنح المشهد اكتماله ،من
حاضًرا) ،وهو عنوان عام على عدد مثل (صخور الأرض /رؤوس حيوانات/
القنوات) ،وبعد التهيئة الماضية يبدأ الحدث
من المقاطع المرقمة الأول في المشهد بتجمع آلاف الفلاحين ووقوفهم
رافعين أيديهم في صمت ،والفاعل هنا ( ُمحدث
بدهيات الأمور (مولاي ..أكنت تأمرنا بغير ذلك)، الفعل أو المبادر به) هم الفلاحون الواقفون أمام
وكأن القمع هو سلاح الحاكم في مواجهة التمردات البوابة الكبيرة /قصر الملك ،أما القابل في المشهد
(الذي يتلقى الفعل ويبدو عليه أثره)؛ فهم رجال
المشروعة ،ولا شيء غيره. الحرس الذين بدوا مندهشين متسائلين ،يرتقي
قدم المشهد الذي صاغه الشاعر حالة تخييل ممتدة الحدث درجة أعلى بتقدم الفلاحين واقترابهم
أكثر من البوابة وهزها بعنف أمام دهشة الحرس
عبر نمو الأحداث واتصالها ،مكنتنا من مشاهدة وتساؤلاتهم ،ويبلغ الحدث ذروته قبل الأخيرة
النص بكل ما ورد فيه من توتر ومآلات مؤلمة، بفتح الفلاحين البوابة عن آخرها ،هنا يبدأ فعل
وكما لو كنا نشاهد فيل ًما قصي ًرا أو مشه ًدا متصل جديد بفاعلين جدد ،حيث يتحول الفاعل الأول إلى
الأحداث في فيلم طويل ،حدث ذلك من دون أن قابل ،والقابل إلى فاعل (الفلاحون في مرمى نيران
تتضمن الجمل الشعرية في النص وحدة صورية
الحرس).
صغرى (الصور الجزئية) باستثناء عدد من منطقيًّا تنتهي الأحداث هنا بمأساة قتل الفلاحين
الكنايات ذات الأثر القليل ،ولا تتحقق غاية المشهدية
المعترضين في صمت ،إلا أن الشاعر أراد تبئير
هنا من دون متل ٍق لديه المهارة المطلوبة للتخيل، المأساة لأقصى مدى ممكن ،باستيقاظ الملك على
واستعادة ما لم يقله الشاعر في نص المشهد قبل إطلاق الرصاص وتساؤله عما يحدث ،في إشارة إلى
حالة من الانفصال التام عن مجريات الأحداث أو
وبعد الأحداث عن طريق التخيل. (الهوة العميقة التي تفصل الحاكم عن المحكومين)،
بالنظر إلى نص المشهد مرة أخرى؛ سنلاحظ عد ًدا إلى أن جاءت المواجهة الأخيرة بينه وبين حرسه
من العناصر الدرامية التي منحته حيوية وحركة الذين تجاوزوه في اتخاذ القرار ،باعتبار ذلك من
حال تلقيه ،منها مجموعة الاستفهامات الفاصلة
بين الأحداث وتحولاتها ،وكذا الحوار الذي ورد
في مواضعه من طرف واحد ،في إشارة إلى انبتات
العلاقة بين الشعب ونظامه الحاكم ،وتلك هي غاية
النص التي استهدفها الشاعر.