Page 14 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 14
العـدد 37 12
يناير ٢٠٢2
()1-5 وقام ٍة تقص ُر عن الحنين
بهؤلاء فقط
تبدأ درامية النص من لحظة العدول عن النسق
الخبري إلى الإنشائي بصوره كافة ،والاستفهام ودون أدنى تردد
خاصة كما أشرنا ساب ًقا ،يقول الشاعر في نص: عليك أن تواجه الكائن الخزفي الذي يتمدد مبتس ًما
مشاعر ثابتة(:)14 قان ًعا بانزلاق الحياة على وجهه
.. وانفراط المعيشة
ما الذي في يديها؟ في طرقات «طحا»()12
مائدة السماء؟ الشواهد في الديوان على تحول التجربة من القضية
المركزية الأم (الوطن) إلى الشخصي المتأمل المتألم؛
رائحة المريولات؟ عديدة ولافتة ،كان هذا على صعيد المقول الشعري،
الأنفاس الأخيرة للسيد إسماعيل؟
المشاهد الكثيرة التي عبرتنا بلا رحمة؟ فماذا عن الصعيد الفني؟
أمطار87؟ ()5
ما الذي تحت ثوبها إذن؟
لنتفق بداية على حقيقة أولية ،وهي أن نصوص
.. ديواني استشراف قيامة ماضية ،وتدريبات يومية،
ها هي منذ لحظات أمام الباب
جاء بع ًضا متعاقبًا والبعض الأخر متزامنًا ،على
هل كانت تراقبني؟ الرغم من الشقة الزمنية التي تفصل صدور كل
هل كانت تتأمل الرعشة الخفيفة في ذراعي اليمنى؟ منهما ،والانتباه إلى تلك الحقيقة يمكننا من اعتبار
الديوانين شاه ًدا على تحولات المرحلة الثانية في
وما الذي أوقفها؟
وأنا أتحسس نبضها المتدافع تجربة محمد السيد إسماعيل ،خصو ًصا على
الصعيد الفني.
وأمر على جسدها بلساني
ثم أحبسها هنا أول علامات التحول الفني هو غياب سطوة النص
في هذه الورقة. الطويل ذي الوفرة اللغوية في التشكيل ،لحساب
التحول إلى الإنشاء عبر الاستفهامات المتتالية كما النصوص الشفرية الجانحة إلى القصر والاختزال،
هو الشأن في النص السابق؛ ليس طلبًا لإجابات والدخول الكامل في النثرية (قصيدة النثر)(،)13
محددة ،ولكنه تعبير بالأسئلة عن اعتمالات عاشها وهذان الملمحان أنظر إليهما بوصفهما علامتين على
الشاعر وانضممنا نحن كمتلقين إليه بالضرورة، ارتياد تجربة الشاعر مرحلة جديدة من النضج
وهذا ما أعني به اعتمالية النص وحركيته وتفاعلاته والعمق م ًعا ،إذ تزامن مع هذا التحول سمات فنية
حال القراءة ،بحيث يخرجك من المناطق الآمنة في على مستويي التشكيل والتخييل ،لم تكن بالوضوح
التلقي ،إلى تل ٍق آخر مشدود باستمرار إلى الترقب الكافي في المرحلة الأولى ،منها درامية النص ،وأعني
والإثارة ،هذا العدول في التعبير يحمل في طياته
بذرة امتداد مشهدية على مستوى التخييل ،سوف بدرامية النص توافره على عدد من العناصر التي
نعمقها بعد قليل ،وعبر روافد أخرى لتكتمل فكرة تخرجه عن سكون الامتداد الهادئ للجملة الشعرية
درامية النص التي نحن صددها الآن.
إلى عوالم الاعتمال الباطني ،بما تشمله من حركة
()2-5 وتفاعل دائمين ،والجديد هنا هو ارتقاء تلك الدرامية
مضفورة بتحول التخييل من الجزئي إلى المشهدي،
يضطلع النص الشعري الحواري بحمولات خاصة، والأهم كذلك هو انتساب تلك المشهدية للحمة النص
أقربها تداخل الأنواع الأدبية في النوع الواحد،
الشعري لتصبح مق ِّو ًما أساسيًّا من مقوماته ،بما
يشمل عملية التشكيل بأنواعها وتأثيراتها كافة.