Page 22 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 22
العـدد 37 20
يناير ٢٠٢2
الوظائف التي لا تحتاج إلى مزيد عناء في إنجازها؛ الناقد وأنماط استخراخ المعنى
ألا وهي الوظيفة الشارحة()5؛ الأمر إ ًذا يتطلب
إننا من خلال هذه الثنائية (الذات والعالم)
عرو ًجا فكر ًّيا يعكس نض ًجا ذهنيًّا وثرا ًء معرفيًّا؛ واتصالها في حقل الفلسفة بما يسمى بالظاهراتية
ومن ثم يكون التأويل الوسيلة الأنجع والأنسب
أو علم الظواهر ( )4()Phenomenologyيمكننا
في التعامل مع هذا الكيان الرمزي الذي يميز الحركة برفقة الناقد الأدبي تحدي ًدا الذي لا يتوقف
صنعة الفن عمو ًما ،ولعل حديث شيخ البلاغيين
عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ) في قضية اللفظ في عمله عند عتبة الرصد الشكلي الاستقرائي
والمعنى وما أسماه بمعنى المعنى( )6تتفق تما ًما لجزئيات عمل الأديب ،بل يتجاوزها إلى مرحلة
وهذه الحال وتلتقي بالطبع مع ما ينطوي عليه هذا التقاط ما يظنه معاني أو دلالات مختبئة خلف
المصطلح من دلالة تشير إلى طبيعة استخدامه من قشرة النص الظاهرة لنقف أمام ملمحين مهمين:
قبل من يقومون بتوظيفه؛ فتجاوز اللفظ لدلالته
-التفسير أو الشرح.
الحقيقية إلى دلالة أخرى مجازية ،مع إدراك -التأويل.
القائم بهذه العملية للصلة الرابطة بين الحقيقي
والمجازي( )7يكشف بجلاء عن ُكنه العملية الفنية اللغة إ ًذا بوجهيها المنطوق والمكتوب أحد أشكال
والأدبية بصفة خاصة ،وبالتوازي معها جوهر البيان التي يلجأ إليها الإنسان في تحويل المجرد
العملية النقدية ذاتها في تصديها لها؛ فالفن والأدب من الفكر والشعور إلى ملموس مدرك بالحواس
يعيدان إنتاج ما في العالم ويقدمان للمرئي الذي يحتاج إلى من يقيم معه علاقة تقوم على الرصد،
يقع في مرمى رؤية الذات المبدعة شهادة ميلاد هذا الرصد يأخذنا إلى شكلين من أشكال قراءة
ثانية ،لكن بشفرات وبأدوات مستعارة ،يمكن
من خلالها أن نقف أمام مصطلح كهذا ُيو ِّصف النصوص:
هذه العملية (التخييل) ،والناقد المدرك ل ُك ْنه هذه الأول :القراءة الشكلية للنص التي تقف عند ملامح
العملية يعلم يقينًا أن التعامل معها لن يكتفي بهذه
النظرة الطفولية البريئة التي تلمس معناها المباشر النص الخارجية الظاهرة وكيفية تشكله وبيان
القريب الذي يمثل مع بنيانها اللفظي الظاهر قنا ًعا العناصر التي يتركب منها ،وما يربط بعضها
يتدثر به هذا العالم المصنوع في تجليه أمام أعين
ببعض من علاقات.
الثاني :القراءة الاستكشافية للنص التي تتجاوز
عتبة الرصد الشكلي لعناصر بنائه وطبيعة العلاقات
الرابطة بينها إلى عتبة إنتاج الدلالة المتصلة بهذا
البناء اللغوي.
وهذا يطرح سؤا ًل يبدو منطقيًّا وإجابته من
المفترض أنها معلومة؛ هل يمكن لناقد طموح
لا يكتفي فقط بمسألة الرصد الشكلي كما هو
الحال عند أصحاب نقد الحداثة من الشكليين
والبنيويين ،هل يمكن لناقد كهذا أن يشرح
ببراءة ما يبدو طافيًا على سطح النص من
دلالات ظاهرة؟
إن لعبة الخيال التي تجعل من هذا العالم
الموازي الذي يعكس قراءة شديدة الخصوصية
والذاتية للعالم المعيش أيقونة رمزية أو بنية
استعارية شديدة التميز تفرض على الناقد
أسلو ًبا في التعامل يتجاوز به إحدى الوظائف
اللغوية المعلومة التي يمكن القول إنها من