Page 27 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 27
25 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
واض ًحا في تيار البنيوية. َقا َل َأ َق َت ْل َت َن ْف ًسا َز ِكيَّ ًة ِب َغ ْي ِر َن ْف ٍس لَّ َق ْد ِج ْئ َت َش ْيئًا
-الاستكشاف الذي تنتهي به رحلته أمام المعنى ُّن ْك ًرا»(.)23
القريب الظاهر الذي يمكن نعته بالمعنى المخادع أو
المعنى الوهمي أو القناع الذي يرتديه المعنى الذي المشهد الثالثَ « :فان َط َل َقا َحتَّى إِ َذا َأ َت َيا َأ ْه َل َق ْر َي ٍة
ا ْس َت ْط َع َما َأ ْه َل َها َف َأ َب ْوا َأن ُي َضيِّ ُفو ُه َما َف َو َج َدا ِفي َها
ُيفترض أن النص يقصده أو يرمي إليه. ِج َدا ًرا ُي ِري ُد َأن َين َق َّض َف َأ َقا َم ُه َقا َل َل ْو ِش ْئ َت َل َّت َخ ْذ َت
-الاستكشاف الذي يدرك أن المعنى الأول أو
الظاهر ليس نهاية المطاف؛ ومن ثم فإن عليه القيام َع َل ْي ِه َأ ْج ًرا»(.)24
إن سيدنا موسى عليه السلام يقف موقف الرائي
بمزيد جهد لإدراك المعنى العميق. القارئ الشارح الذي يدرك المعنى القريب ،أو عند
ولا شك في أن القراءة المفيدة مما يسمى بالمنهج الظاهر مما يحدث ،أما سيدنا الخضر عليه السلام
الثقافي في نقد النصوص تحتفي بشدة بهذا النوع
الأخير من الاستكشاف ،ونحن بالطبع نجد أن فإنه بفعله ومنطوقه يقف موقف القارئ المهتم
أصولها وإن كانت قد ُعرضت بتفاصيل مختلفة بالتأويل ،بالمقاصد والغايات الكامنة خلف الفعل:
لها موضعها في تراثنا العربي؛ كما هو الشأن على «قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم
سبيل المثال لا الحصر عند عبد القاهر في كتابه تستطع عليه صبرا .أ َّما السفينة فكانت لمساكين
دلائل الإعجاز وعند ابن رشد في كتابه فصل المقال يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم
فيما بين الحكة والشريعة من اتصال .وإذا نظرنا ملك يأخذ كل سفينة غصبا .وأ َّما الغلام فكان أبواه
مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيا ًنا وكفرا .فأردنا
إلى كتاب قضايا الشعرية لرومان جاكوبسون أن يبدلهما ربهما خي ًرا منه زكاة وأقرب رحما .وأ َّما
نجده قد وضع للغة وظائف عدة تؤديها ،ونستطيع
الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان
أن نؤسس لمسألة التأويل من خلال وظيفتين من تحته كنز لهما وكان أبوهما صال ًحا فأراد ر ُّبك أن
وظائف اللغة عنده :الوظيفة المرجعية ،والوظيفة يبلغا أ ُشدهما ويستخرجا كنزهما رحم ًة من ربك
الميتا نصية (ما وراء اللغة أو ما وراء النص)()26؛ وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه
إن المهتم بالتأويل عليه بعد إدراكه لمكونات النص
والعلاقات القائمة فيما بينها؛ انسجا ًما مع الوظيفة صبرا»(.)25
الشعرية عند رومان جاكوبسون ،عليه بعد ذلك إن القراءة الشارحة وأصحابها والقراءة المؤسسة
الإلمام بالسياق الخارجي الذي قيل فيه النص وأدى على التأويل والقائمين عليها قد تحققا في السياق
إلى إنتاجه (الوظيفة المرجعية)؛ ومن ثم فإن ذلك القصصي المتصل بسيدنا يوسف عليه السلام ،وفي
يساعده كثي ًرا في فهم العلل والمقاصد التي ينطوي السياق المتصل بسيدنا موسى في علاقته بالخضر
عليها ،وفك ما به من شفرات؛ أي الوظيفة الميتا
عليهما السلام.
نصية وف ًقا لطرح جاكوبسون
تعقيب
إن ثنائية الشكل والمضمون التي تتكون منها أية
علامة لغوية تأخذنا إلى عمليات عدة:
-الوصف الذي يستغرقه الشكل أو البناء الخارجي
والعناصر التي يتكون منها وما بينها من علاقات
فحسب .وفيما يسمى بنقد الحداثة يبدو هذا