Page 25 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 25
هنا نضع أيدينا على اتجاهات منهجية تمثلها ليلى الأخيلية التي تضعنا من خلال
منطوقها وردها على عبد الملك أمام مسكوت
تحظى بانتشار كبير منذ بدايات القرن
عنه ينبغي للقارئ أن يكمله بنفسه؛ فهي
العشرين وتحدي ًدا مع الأثر الفاعل الذي عندما قالت له «الذي رآه الناس فيك حين
خلفه فردينان دي سوسير في حقل ولوك» تفتح أفق القراءة واس ًعا على احتمالات
الدرس اللساني ،ولا يزال لها وجودها في إنتاج المعنى ،أساسها يقوم على هذا
السؤال؟ يا ُترى ما هذا الذي رآه الناس أو
الواضح داخل الساحة النقدية ،نقصد الأمة في عبد الملك حتى يجعلوه أو يرضوا به
خليفة عليهم هو هو ما رآه توبة في ليلى حتى
بالتحديد السميولوجية؛ بوصفها حاض ًنا أضحت له محبوبة جديرة بأن يكون لها مكان
وراع ًيا لمناهج التلقي أو قراءة النصوص في إبداعه؟
وبجوارها ما يسمى بالنقد الثقافي إن منطوق ليلى الذي يمكن نعته بالناقص
يستثير همم المتلقين ويدفعهم إلى ترك مقاعد
ومقولاته التي تمنح شخصية الناقد المتلقي السلبي المكتفي بمتعة المشاهدة فحسب
ومحاولة ارتداء ثوب أكثر فاعلية وإيجابية
طاب ًعا موسوع ًّيا يتشارك فيه القارئ مع المصنف عملية التأليف
رؤية ذات طابع فلسفي تتعامل مع العالم في إطار والكتابة.
هذه الثنائية الأثيرة (الفيزيقي والميتافيزيقي)؛ إن قد يكون من بين الاحتمالات أن عبد الملك
سقراط الذي قال لتلميذه تكلم حتى أراك ،لم يكن وليلى كليهما يقع موقع الملهم أو الدافع بالنسبة
إلى الآخر؛ فعبد الملك بما يمتلكه من سمات تتجاوز
يقصد بالقطع الرؤية البصرية ،لكنه يرمي إلى بالطبع عتبة الحسي الظاهري ،هذه السمات تخص
الرؤية الذهنية العقلية التي تتجاوز منطقة الحسي عقله ودينه وعلمه وحكمته وذكاءه وقدرته على
ممارسة السلطة بغير ضعف ،أضحى جدي ًرا بأن
الظاهري إلى منطقة تبيان الخصائص العقلية يشغل هذا الموقع في وعي الأمة وفي حياتها ،وليلى
والشعورية فيمن يريد معرفته. عند توبة بالقطع لم تكن الصورة الحسية القريبة
التي تنشد فقط عينًا تبصر ،لكنها هي ذاك الكيان
وهذا مثال ثا ٍن من كتاب الأصفهاني من ترجمة ابن العقلي والشعوري الذي يحمل من الصفات ما
المولى الشاعر نتوقف أمامه: يؤهله لأن يكون موضوعا يشغل بال مبدع مثل
«أخبرني الحرمي بن أبي العلاء قال :خرجت توبة في عالمه الشعري.
أنا وأبو السائب المخزومي وعبيد الله بن مسلم نحن إ ًذا إذا ما توقفنا متأملين أمام ثنائية الفعل
والأصبغ بن عبد العزيز بن مروان إلى قباء ،فأنشد ورد الفعل في حوار عبد الملك وليلى نجد أنفسنا أمام
نمطين للرؤية في التعامل مع النصوص ومع العالم
ابن المولى لنفسه:
وأبكي فلا ليلى بكت من صباب ٍة وما يجري فيه بصفة عامة:
-رؤية بصرية تقتصر أو تتجمد فقط عند عتبة
إل َّي ولا ليلى لذي الود تبذل الملموس المدرك بالحواس فتأخذه على علاته كما
وأخنع بالعتبى إذا كن ُت مذنبًا
وإن أذنب ْت كن ُت الذي أتنص ُل هو.
فقال له أبو السائب وأبو عبيد الله بن مسلم بن -رؤية ذهنية متعدية تتجاوز عتبة ما هو حسي
جندب :من ليلى هذه حتى نقودها إليك؟ فقال لهما قريب المأخذ إلى محاولة التأمل العقلي المتأني المبني
ابن المولى :ما هي والله إلا قوسي هذه سميتها على طرح الأسئلة وإيجاد أجوبة لها ،وهي بلا شك