Page 26 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 26
العـدد 37 24
يناير ٢٠٢2
ذلك عندما دخل عليه إخوته وعرفوه وقد جيء ليلى»(.)14
بأبيه وأهله جميعا إلى مصرَ « :و َر َف َع َأ َب َو ْي ِه َع َل ولما سئل في موقف آخر من قبل رجل يدعى
ا ْل َع ْر ِش َو َخ ُّروا َل ُه ُس َّج ًدا َو َقا َل َيا َأ َب ِت َٰه َذا َت ْأ ِوي ُل الحسن بن زيد عن ليلى هذه التي دائ ًما ما يتردد
ُر ْؤ َيا َي ِمن َق ْب ُل َق ْد َج َع َل َها َر ِّبي َح ًّقا َو َق ْد َأ ْح َس َن ِبي اسمها في شعره ،عقب قائ ًل« :امرأتي طالق إن
إِ ْذ َأ ْخ َر َجنِي ِم َن ال ِّس ْج ِن َو َجا َء ِب ُكم ِّم َن ا ْل َب ْد ِو ِمن َب ْع ِد كانت إلا قوسي هذه سميتها ليلى؛ لأن الشعر لا
َأن َّن َز َغ ال َّش ْي َطا ُن َب ْينِي َو َب ْي َن إِ ْخ َو ِتي إِ َّن َر ِّبي َل ِطي ٌف
يحسن إلا بالغزل والتشبيب»(.)15
ِّ َلا َي َشا ُء إِ َّن ُه ُه َو ا ْل َعلِي ُم ا ْل َح ِكي ُم»(.)17 إننا إذا أردنا أن نقيم موازنة بين هذا النص
وها هو ذا عليه السلام وقراءته المؤسسة على فك وسابقه سنجد الفرق بين الاثنين يبدو في أن
شفرات الرموز وإدراك المعنى العميقَ « :و َد َخ َل َم َع ُه هذا الأخير يمنح القارئ الناقد القراءتين م ًعا؛ أي
ال ِّس ْج َن َف َت َيا ِن َقا َل َأ َح ُد ُه َما إِ ِّني َأ َرا ِني َأ ْع ِص ُر َخ ْم ًرا القراءة المؤسسة على الشرح والاكتفاء بالمعنى
َو َقا َل ا ْل َخ ُر إِ ِّني َأ َرا ِني َأ ْح ِم ُل َف ْو َق َرأْ ِسي ُخ ْب ًزا َت ْأ ُك ُل الظاهر القريب ،والقراءة المؤسسة على التأويل
ال َّط ْي ُر ِم ْن ُه َنبِّ ْئ َنا ِب َت ْأ ِويلِ ِه إِ َّنا َن َرا َك ِم َن ا ْلُ ْح ِسنِي َن»(.)18 والحركة من الدلالة الظاهرة إلى الدلالة العميقة؛
فالمستمعون لشعر ابن المولى يرون في ليلى كيا ًنا
فكان الجوابَ « :يا َصا ِح َب ِي ال ِّس ْج ِن َأ َّما َأ َح ُد ُك َما من لحم ودم يتغنى باسمه الشاعر ويكشف عن
َِفم َين ْس َّرِقأْيِس َِهر َّب ُقُه ِ َضخ َْمي ًراا ْ َل َوْمَأ َُّرمااالَّ ْ ِذل َيخ ُرِفي َفِه ُي َت ْ ْص َسل َت ُ ْفبتِ ََيفا َت ْأِن ُك»( ُل19ا).ل َّط ْي ُر مشاعره تجاهه ،جر ًيا على الظاهر من النص؛ لكن
وهذه رؤيا الملك التي لم يجد لها تأوي ًل عند أحد من بطن الشاعر المسكونة بالمعنى بالجوهر المقصود،
خاصته أو ممن حولهَ « :و َقا َل ا ْ َللِ ُك إِ ِّني َأ َرى َس ْب َع أو المعنى الواجب على كل ذات ناقدة أن تضع يدها
َب َق َرا ٍت ِس َما ٍن َي ْأ ُكلُ ُه َّن َس ْب ٌع ِع َجا ٌف َو َس ْب َع ُسن ُب َل ٍت عليه يقول :إن ليلى ليست ألا رم ًزا لجماد ،وتلك
ُخ ْض ٍر َوأُ َخ َر َيا ِب َسا ٍت َيا َأ ُّي َها ا ْ َل َ ُل َأ ْف ُتو ِني ِف ُر ْؤ َيا َي صورة عبقرية فريدة يقدمها الشاعر العربي القديم
ممث ًل في ابن المولى؛ إن غير العاقل قد يتشخص،
إِن ُكن ُت ْم لِل ُّر ْؤ َيا َت ْع ُب ُرو َن»( .)21فكان تأويل يوسف والعاقل قد يكون رم ًزا لعاقل ،لكن أن يكون العاقل
عليه السلام« :قال تزرعون سبع سنين دأ ًبا فما ممث ًل في اسم المرأة ليلى في هذا النموذخ الشعري
حصدتم فذروه في سنبله إلا قلي ًل مما تأكلون . ثم رم ًزا وتخيي ًل يشير في معناه الدفين المقصود إلى
يأتي من بعد ذلك سب ٌع شدا ٌد يأكلن ما قدمتم لهن غير عاقل (قوس) فتلك صورة تحمل جدي ًدا بفضل
إلا قلي ًل مما ُتحصنون . ثم يأتي من بعد ذلك عام ابن المولى ،المهم أن طبقتي المعنى قد تو َّف َرا في هذا
المثال الشعري ،وقدم إلينا الشاعر بنفسه دون عناء
فيه ُيغاث الناس وفيه َيعصرون»(.)21 يتكبده القارئ مقصوده في ثوب استعاري تمثيلي،
وفي سورة الكهف نتوقف متأملين أمام القصة أضحى فيه المؤنث الإنساني بمثابة مشبه به لمشبه
التي جمعت سيدنا موسى عليه السلام بالخضر؛ محذوف تقديره القوس قد تلاشى وذاب فيه.
لنعرف كيف كان الفعل ومعناه العميق من نصيب
الخضر عليه السلام ،أما سيدنا موسى عليه السلام الشرح والتأويل في القرآن الكريم
فكان يقع موقع رد الفعل المملوء غرابة ودهشة
مما يحصل أمامه ولا يجد له تأوي ًل من عنده يبدد ولعلنا إذا وقفنا متأملين أمام النص القرآني
دهشته؛ لأن فوق كل ذي علم عليم ،ويتحدد ذلك أعلى نصوص العربية وأرقاها صياغ ًة وتعبي ًرا
في مواقف أو مشاهد ثلاثة :مشهد خرق السفينة، وأعمقها من حيث الدلالة سنجد أن كلمة تأويل
ومشهد قتل الغلام ،ومشهد دخول القرية التي ترد في سياقات عدة؛ ففي سورة يوسف نتوقف
أمام قوله تعالى« :إِ ْذ َقا َل ُيو ُس ُف ِ َل ِبي ِه َيا َأ َب ِت إِ ِّني
يتصف أهلها بالبخل وإقامة جدار فيه: َر َأ ْي ُت َأ َح َد َع َش َر َك ْو َكبًا َوال َّش ْم َس َوا ْل َق َم َر َر َأ ْي ُت ُه ْم ِل
المشهد الأولَ « :فان َط َل َقا َحتَّى إِ َذا َر ِك َبا ِف ال َّس ِفي َن ِة َسا ِج ِدي َن»( ،)16وكان تأويلها في أواخر السورة بعد
َخ َر َق َها َقا َل َأ َخ َر ْق َت َها لِ ُت ْغ ِر َق َأ ْه َل َها َل َق ْد ِج ْئ َت َش ْيئًا
إِ ْم ًرا»(.)22
المشهد الثانيَ « :فان َط َل َقا َحتَّى إِ َذا َل ِق َيا ُغ َل ًما َف َق َت َل ُه