Page 31 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 31

‫‪29‬‬              ‫إبداع ومبدعون‬

                ‫رؤى نقدية‬

                                                                  ‫رشاد رشدي وتلامذته من‬

                                                                  ‫أمثال سمير سرحان وعبد‬

                                                                  ‫العزيز حمودة ومحمد‬

                                                                  ‫عناني وماهر شفيق فريد‬

                                                                  ‫من ناحية أخرى‪ ،‬وإن‬

                                                                  ‫كانت العلاقة بين رشاد‬

                                                                  ‫رشدي ورواد النقد الجديد‬

                                                                  ‫في أوروبا واضحة‪ ،‬فإنها‬

                                                                  ‫مبهمة تما ًما بينهم وبين‬
                                                                  ‫حازم القرطاجني‪ ،‬ولكن‬

                                                                  ‫رحلة الأفكار هذه استرعت‬

                                                                  ‫انتباهنا بشدة‪ ،‬وتتابعت‬

                                                                  ‫ملاحظاتنا وتوالت لحظات‬

                                                                  ‫الاستنارة وأدركنا وجود‬

                                                                  ‫ما يستحق الكشف والتعمق‬

‫حازم القرطاجني‬  ‫ت‪ .‬س‪ .‬إليوت‬                            ‫رشاد رشدي‬    ‫فأكملنا الطريق وراء‬
                                                                  ‫ما تكشف لنا من أفكار‬

‫الأشياء التي تنتمي للنوع نفسه‪ ،‬أما الهوية فهي ما‬       ‫نناقشها تارة ونتجادل معها وحولها ونرفضها‬
  ‫يصنع خصوصيتها‪ .‬ولسنوات طوال ظل الإبداع‬
  ‫الفني يكتسب مكانته من هويته التى لا شك أنها‬          ‫ونفندها تارة أخرى‪ ،‬وعبر هذه الرحلة الطويلة‬
   ‫تمثل جز ًءا رئي ًسا من أصالته‪ ،‬ولكنها من ناحية‬
 ‫أخرى ظلت تتحكم في الاعتراف بوجوده صد ًقا أم‬           ‫المجهدة الثرية تبلورت هذه الرؤية النقدية التي‬
      ‫زع ًما‪ ،‬أو تجاهل هذا الوجود عم ًدا أم اتبا ًعا‪.‬‬
     ‫لقرون طوال ظل الفن والفكر للغالب والتقليد‬                    ‫يطرحها هذا البحث‪.‬‬
  ‫للمغلوب‪ ،‬عمد الاستعمار الثقافي والحضاري إلى‬
  ‫بتر الحلقات التى يناوئها على المستوى السياسي‬         ‫ماهية الفن بين الاتصال الحضاري‬
     ‫أو الديني أو العرقي من سلسلة الإبداع الفني‬        ‫والتمايز القومي والقطائع المعرفية‬
        ‫الإنساني المتصل الذي لا يعترف بالحدود‬
   ‫السياسية أو الجغرافية ولا تعنيه مراكز القوى‬            ‫شغل السؤال عن ماهية الفن كثي ًرا من النقاد في‬
  ‫الإمبريالية؛ ذلك أنه وليد فطرة وحاجات إنسانية‬            ‫مختلف أنحاء العالم‪ ،‬ويكتسب الفن جز ًءا كبي ًرا‬
‫مشتركة‪ .‬وتزداد قدرة الإمبريالية الثقافية على بتر‬        ‫من ُم َش ِّكلات ماهيته من الوظيفة أو الوظائف التي‬
    ‫نتاج فني ما أو إغفال وجوده بازدياد محددات‬          ‫ترى كل جماعة نقدية أن الفن منوط بتحقيقها‪ ،‬ومع‬
   ‫هويته؛ فنجد الفنون التي لا تستخدم اللغة مثل‬             ‫التباين الكبير بين وجهات النظر النقدية ظهرت‬
     ‫الموسيقى والتصوير والرسم على سبيل المثال‬           ‫للفن ماهيات متعددة ربما أبعدتنا على نحو أو آخر‬
   ‫أكثر قدرة على الإفلات من التهميش والإقصاء‪،‬‬
 ‫بالمقارنة بالفنون التي تمثل اللغة أداتها الأساسية‬                                 ‫عن ماهيته الأصلية‪.‬‬
                           ‫في الصياغة والتعبير‪.‬‬            ‫والفن –فيما نرى‪ -‬إنساني الماهية قومي اللغة‬
   ‫وليست هذه دعوة للتخلي عن الهوية أو التنصل‬             ‫والهوية؛ بمعنى أن الفن حلقة متصلة من الإبداع‬
                                                            ‫الإنساني ذات ماهية إنسانية واحدة‪ ،‬وهويات‬
                                                        ‫لغوية ودينية وعرقية واجتماعية متعددة‪ .‬والماهية‬
                                                          ‫هي تعريف الشيء من حيث كينونته مهما كانت‬
                                                         ‫معرفات هويته‪ ،‬أما الهوية هي تعريف الشيء من‬
                                                        ‫حيث انتماءاته(‪ ،)1‬والماهية هي المشترك الأعمق بين‬
   26   27   28   29   30   31   32   33   34   35   36