Page 21 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 21
19 إبداع ومبدعون
رؤى نقدية
فرديناند دي سوسير رومان جاكوبسون النص (شعر ونثر).
-الناقد والنص ،ومن ناتج الصلة بين الطرفين
موقعه الجانب الظاهر من العالم محل الرؤية يخرخ منتج معرفي تتضافر في تشكله مكونات
ببعديها البصري المعتمد على العين والعقلي المعتمد تنتسب وتعود لأصول فكرية متنوعة ،ويتوقف ذلك
على الرصيد الخاص بشخصية الناقد وعلى أسلوب
على التأمل الذهني(.)3 تعامله مع النص وصاحبه وعلى طبيعة النص ذاته.
إن ك ًّل من الأديب والناقد يلتقيان في المرور على
هذه المراحل أو المحاور ،لكن الأخير يبدأ عمله من بالطبع يمكن القول :إن كل ما أنجزته الذات
حيث ينتهي الأول؛ فالأديب يحيل العالم في سياق الإنسانية من معارف على مدار رحلتها الحياتية
زماني ومكاني محدد إلى مركب نصي قابل للقراءة، الممتدة قد خرخ من رحم هذه الثنائية ،ومما لا شك
هذا المركب النصي يمثل المعنى أو الدلالة أو القناعة فيه أن للتيمة /الفكرة (نقد) أث ًرا فاع ًل في مجمل ما
التي توصل إليها واستقر عندها ،وبقيت حالة أنجزته يد هذا الإنسان من معرفة.
مجردة قبل أن تخرخ إلى العالم من جديد في هيئة
يمكن إدراكها بالجوارح أو ًل ،أما ال َمعنِي بالنقد عم ًل النقد :الدال ومحاور العمل
وممارس ًة فيبدأ من هذا الملموس الفيزيقي (النص)؛
ليكون المعنى إحدى الغايات أو المقاصد التي يسعى إن الانطلاق من هذا الدال (نقد) إلى طبيعة العمل
إلى الوصول إليها من خلال صنيعه ،هذا المعنى قد يأخذنا إلى محاور عدة:
يتقاطع مع مراد الأديب في جهده التعبيري الذي
-الاقتراب البرئ بالجوارح (التصدي لما يجري
تشكل ،وقد يبتعد. في العالم من خلال الالتقاط الأولي لها عبر وسائل
كلا الاثنين يجعل من العالم المنطلق والدافع والمادة
الرصد المتاحة لدى هذا الإنسان :سمع ،بصر،
الرئيسة للعمل ،وكلا الاثنين يجعل من آليتي لمس ..إلخ).
الرصد المبني على الوصف الظاهري ثم الوصول إلى
-الصعود خطوة في سلم العملية التفاعلية بمحاولة
معنى (خبر) به تلتئم دائرة الرؤية محاور بديهية تحليل استقرائي للظاهرة الموجودة في العالم محل
لا غنى عنها في عمله. المتابعة ،وفي هذه الخطوة تمارس العقلية الناقدة
دورها في البحث والتشريح وإحالة المجمل الكلي
الذي أدركته الجوارح في المرحلة الأولى إلى أجزاء
صغيرة تخضع للدراسة بشكل يبدو شبه مستقل
عن غيرها داخل هذا المجمل .وفي هذه المرحلة تبدو
قضية الفيزيقي الظاهر هي الشغل الشاغل لآلة
الفكر الناقد.
-يلي هذا المحور محاولة الوصول إلى جواهر
دلالية تعكس رغبة في إحالة هذا الظاهر -الذي
خضع لعملية اقتراب أولي بالجوارح ثم إلى محاولة
تشريح وتقطيع تثبت أن العالم وما هو كائن فيه
هو بمثابة كل مركب من أجزاء ،ومحاولة اكتشافه
لا بد أن تمر أولا على هذه المرحلة بالغة الحساسية؛
ألا وهي مرحلة الاستقراء -إلى معنى ،أو لو شئنا
قلنا نتيجة أو حكم .وفي هذا المحور الثالث بالإفادة
من مبحث الجملة الاسمية في حقل النحو العربي
نستطيع أن نقول :إننا بصدد (خبر) لمبتدأ يشغل