Page 7 - Merit El-Thaqafyya 37 jan 2022
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

‫الخلافة‪ ..‬فالخلافة ‪-‬من وجهة نظره‪ -‬ليست‬             ‫َقبِل محمد نور دفاع طه حسين غير المنطقي‪،‬‬
      ‫من أصول الدين‪ ،‬ولكنها قضية دنيوية‬                ‫بينما وجهت هيئة العلماء ُت َه ًما ست لعبد‬
                                                        ‫الرازق‪ :‬جعل الدين لا يمنع من أن جهاد‬
    ‫سياسية لم يرد فيها نص قطعي‪ ،‬وهو ما‬
  ‫يفسر إصدار عقوبة متعجلة ضده‪ ،‬وتدخل‬                  ‫النبي كان في سبيل المُلك لا في سبيل الدين‬
  ‫الملك بثقله لتنفيذها ولو أدى الأمر إلى إقالة‬     ‫ولا لإبلاغ الدعوة للعالمين‪ .‬اعتبار نظام الحكم‬

     ‫أربعة وزراء مهمين‪ ،‬ويفسر كذلك عودة‬               ‫في عهد النبي موضوع غموض أو إبهام أو‬
    ‫علي عبد الرازق بمنصب وزاري بعد وفاة‬               ‫اضطراب أو نقص وموجبًا للحيرة‪ .‬اعتبار‬
 ‫الملك‪ ،‬وبالطبع ليس مستغر ًبا أن يغير شيوخ‬          ‫مهمة النبي كانت بلا ًغا للشريعة مجردة عن‬
   ‫الأزهر موقفهم من النقيص إلى النقيض في‬              ‫الحكم والتنفيذ‪ .‬إنكار إجماع الصحابة على‬
 ‫‪ 20‬سنة‪ ،‬وأن يتسامحوا في قائمة الاتهامات‬              ‫وجوب نصب الإمام وأنه لا بد للأمة ممن‬
 ‫التي وضعوها بأنفسهم‪ ،‬فهذه الأمور ح َّمالة‬
‫أوجه‪ ،‬ويمكن الدفاع عن كل وجوهها بأسانيد‬                ‫يقوم بأمورها في الدين والدنيا‪ .‬إنكار أن‬
                                                   ‫القضاء وظيفة شرعية‪ .‬اعتبار أ َّن حكومة أبي‬
                        ‫من القرآن والسنة!‬
‫المسألة السياسية في كتاب «الإسلام وأصول‬                  ‫بكر والخلفاء الراشدين كانت لا دينية‪.‬‬
                                                         ‫السؤال هنا‪ :‬لماذا حدث هذا التباين بين‬
    ‫الحكم» وفي ردود الأفعال المبالغ فيها من‬           ‫الأمرين؟ وما الأسباب التي جعلت الأمور‬
    ‫الأزهر والسلطة‪ ،‬يمكن إثباتها في مواقف‬            ‫تتأزم إلى حد تدخل رأس الدولة شخصيًّا؟‬
    ‫الطرفين‪ .‬فمن ناحية كان علي عبد الرازق‬              ‫وهل يستحق كتاب علي عبد الرازق التهم‬
 ‫«عض ًوا في حزب الأحرار الدستوريين‪ ،‬الذي‬            ‫الست التي وجهتها إليه الهيئة‪ ،‬وكلها تتعلق‬
    ‫تأسس عام ‪ 1922‬وتبنى الفكر الليبرالي‪،‬‬              ‫بشكل السلطة لا بصلب العقيدة؟ ولو كان‬
    ‫وهو وريث حزب الأمة الذي تأسس عام‬                     ‫كذلك‪ ،‬لماذا تراجع الأزهر بعد ‪ 20‬عا ًما‬
   ‫‪ ،1907‬وكان من أبرز مفكريه أحمد لطفي‬             ‫فأصدر عام ‪ 1945‬قرا ًرا بالتراجع عن فصله‪،‬‬
‫السيد وقاسم أمين وطه حسين‪ ،‬وهم يمثلون‬                  ‫ليتولى وزارة الأوقاف (‪ 28‬ديسمبر سنة‬
 ‫المدرسة الفكرية المنحازة إلى المدنية والوطنية‬         ‫‪ 25 -1948‬يوليو سنة ‪ )1949‬في وزارة‬
 ‫والحداثة والليبرالية”‪ ،‬وعليه فليس مستغر ًبا‬          ‫إبراهيم عبد الهادي‪ ،‬و ُي َعين عض ًوا بمجمع‬
  ‫صدور الكتاب في التوقيت الذي يسعى فيه‬
     ‫الملك لترسيمه خليفة للمسلمين‪ ،‬باعتبار‬                                     ‫اللغة العربية؟‬
     ‫أن هذه المجموعة ضد الدولة الدينية من‬              ‫رغم أن حسين وعبد الرازق كانا ينتميان‬

           ‫الأساس‪ ،‬وضد الخلافة بالتبعية‪.‬‬                    ‫إلى مجموعة الليبراليين التي سبقت‬
  ‫على الجانب الآخر‪ ،‬فبعد أن أصدرت اللجنة‬              ‫وواكبت وتلت ثورة ‪ ،1919‬وأن هدفهما في‬
  ‫قرارها ضد عبد الرازق أرسل شيخ الأزهر‬               ‫الكتابين هو تحرير الفكر الديني وتخليصه‬

      ‫محمد أبو الفضل الجيزاوي‪ ،‬برقية إلى‬                 ‫مما اعتبراها أغاليط فقهية‪ ،‬فإن الفارق‬
  ‫القصر الملكي‪ ،‬جاء فيها‪“ :‬صاحب السعادة‪،‬‬               ‫الجوهري بينهما أن «في الشعر الجاهلي»‬
                                                    ‫شكك في بعض تفاسير القرآن التي استندت‬
     ‫كبير الأمناء‪ :‬أرجو أن ترفعوا إلى ال ُّسدة‬          ‫إلى معاني الكلمات كما وردت في الشعر‬
  ‫العليَّة الملكية‪ ،‬عنِّي‪ ،‬وعن هيئة كبار العلماء‪،‬‬    ‫المنسوب لشعراء جاهليين‪ ،‬وهو أمر فكري‬
                                                      ‫فيه أخذ ورد‪ ،‬بينما يمكن اعتبار «الإسلام‬
     ‫وسائر العلماء‪ ،‬فروض الشكر وواجبات‬                 ‫وأصول الحكم» كتا ًبا سياسيًّا‪ ،‬يهدف إلى‬
    ‫الحمد والثناء‪ ،‬على أن ُحفظ الدين في عهد‬          ‫«نزع القداسة» عن محاولة الملك فؤاد الأول‬
  ‫جلالة مولانا الملك من عبث العابثين وإلحاد‬         ‫‪-‬ومعه شيوخ الجامع الأزهر‪ -‬إعلانه خليفة‬
    ‫الملحدين‪ ،‬و ُحفظت كرامة العلم والعلماء”‪.‬‬         ‫للمسلمين بعد أن ألغى كمال أتاتورك نظام‬
   ‫كما بادر بإرسال كتاب إلى وزير الحقانيَّة‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12