Page 6 - ميريت الثقافية- العدد 21 سبتمبر 2020
P. 6

‫العـدد ‪21‬‬                                   ‫‪4‬‬

                                               ‫سبتمبر ‪٢٠٢٠‬‬

                                                ‫افتتاحية‬

‫التطور هو الأصل‪ ،‬وهو ما لا يحتاج‬               ‫سمير درويش‬
       ‫إلى تبريرات‪ ،‬لأن الكون الذي‬
     ‫نعيش عليه لا يثبت على حال‪،‬‬                ‫رئيس التحرير‬

  ‫والمستجدات التي يفرضها تقدم‬                  ‫عن ضرورة‬
‫العلم وتطور الإنسانية أكثر من أن‬               ‫التجديد‪..‬‬
‫تحصى‪ ،‬لذلك فعلى المتشددين أن‬
‫يصمتوا –على الأقل‪ -‬إن لم يشاركوا‬               ‫أين كنا وكيف أصبحنا‬
                                               ‫في تجارة الرقيق؟!‬
      ‫في تجديد الحياة والخطابات‬
      ‫المسيرة لها‪ ،‬لا أن يعملوا ضد‬
 ‫التطور بالحق والباطل‪ ،‬لأن التطور‬

               ‫سينتصر مهما فعلوا!‬

    ‫بل تج ِّرم وتك ِّفر المنادين باللحاق بركب‬    ‫التجديد المستمر‪ ،‬أو إعادة النظر في‬
    ‫الحضارة والمشاركة في صناعتها‪ ،‬دون‬
   ‫الاكتفاء بالاستهلاك البليد لمنتجاتها التي‬     ‫القناعات والمسلمات القديمة‪ ،‬وإحضاعها‬
   ‫تصنع في مصانع ومعامل الدول الغربية‬              ‫باستمرار للأسئلة المستجدة‪ ،‬بناء على‬
                                                 ‫تطور الحياة والعلم‪ ،‬واكتساب البشرية‬
                                ‫المتقدمة‪.‬‬             ‫مكاسب جديدة تضاف إلى سجلها‬
‫السجال المقلوب –لدينا‪ -‬هو ما يجعل المجدد‬           ‫الحافل منذ نشأة الخليقة وحتى الآن‪،‬‬

  ‫في حاجة دائمة إلى تبرير قناعاته الطبيعية‬      ‫هو الطبيعي والعادي‪ ،‬الذي لا يحتاج إلى‬
   ‫المنطقية التي تتماشى مع ناموس الكون‬             ‫تأكيد‪ ،‬وغير الطبيعي أن يعيش إنسان‬
     ‫وتطوره‪ ،‬بينما يعفي الذي يريد تجميد‬           ‫اليوم بقوانين ومسلمات العقد السابق‪،‬‬
  ‫الزمن عند نقطة معينة من تقديم مبررات‬            ‫فما بالك لو أرد الحياة بمسلمات عصر‬

‫يفتقدها بالضرورة‪ ،‬لأن سنة التطور ضده‪،‬‬          ‫بدائي انطوى منذ خمسة عشر قر ًنا تبدلت‬
‫ولأن الكتب المقدسة لم تشر –مجرد إشارة‪-‬‬         ‫فيها الحياة كليًّا عدة مرات‪ ،‬ولم يعد شيئًا‬
                                               ‫من ملامح هذه العصور البدائية السحيقة‪،‬‬
  ‫إلى ضرورة التوقف‪ .‬هذا من ناحية‪ ،‬ومن‬
  ‫ناحية أخرى ي َّدعي خطاب التجمد التحدث‬          ‫لذلك فالمرء يصاب بدهشة حقيقية حين‬
  ‫باسم الدين والمقدس‪ ،‬وينزع تلك الصفات‬              ‫يتصدر موضوع «الرجوع إلى القرن‬
‫عن معارضيه‪ ،‬بل ويستخدم العنف ضدهم‬
 ‫بصور تصل إلى القتل‪ ،‬على نحو ما نشاهد‬            ‫الإسلامي الأول» أولويات مجموعة من‬
                                                    ‫البشر ليست قليلة‪ ،‬ولا تكتفي بذلك‪،‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11