Page 15 - merit 43- july 2022
P. 15
رؤية من قريب 1 3
الأنثروبولوجيا الإنسانية /الحضارية التي وص ًفا دقي ًقا ،وذلك عن
الاستعمارية تتمم دراستها ،وبالتصور طريق معايشة الباحث
لم تكن الأنثروبولوجيا –بالتالي -لإمكانية التنبؤ المجموعة أو الجماعة
الاستعمارية بريئة من بمستقبل الجماعة البشرية المدروسة ،وتسجيل ك ِّل
شطحات كولونيالية بحثه، ما يقوم به أفرادها من
مستخدمة العلم لخدمة التي أجريت عليها سلوكيات في تعاملهم ،في
الاستعمار الاستيطاني، الدراسة(.)10
بغية إدارك كنه الشعب الحياة اليومية.
والأرض حتى تسهل ولا شك أن دراسة وأي ًضا تصنيف مظاهر
مهمة السيطرة عليه وكبح مجتمع ما تتيح الاطلاع الحياة البشرية والحضارية
جماح مقاومته وإخماد على خصائصه وتكوينه
أوراها ،إذ اقترن البحث والسيطرة عليه ،وذلك من بعد دراستها دراسة
الأنثروبولوجي بالحركة خلال إثارة بعض المشكلات واقعية ،وذلك للوصول إلى
الكولونيالية في نهاية
القرن التاسع عشر وبداية الاجتماعية والطائفية، أنماط إنسانية عامة ،في
القرن العشرين ،وذلك وتسليط الضوء عليها يعمل سياق الترتيب التطوري
على تنفيذ تكليفات وخرائط الحضاري العام للإنسان:
بغية الاتصال بالبني (بدائي -زراعي -صناعي-
العميقة للمجتمع والتي أعمال خارجية تهدف إلي
من شأنها تمهيد وتهيئة إحراج الدولة وتشويه معرفي -تكنولوجي).
وتسهيل المهمات العسكرية، وكذا تحديد أصول التغير
فقد توصل المحتل إلى صورتها الخارجية ،ونشر
أن الاحتلال العسكري روح اليأس والفوضى في الذي يحدث للإنسان،
يجب أن تصحبه معرفة وأسباب هذا التغير
بالخصائص الجغرافية المجتمع بواسطة إعلام
للأرض ،وكذا الأنماط مس َّخر ،مرئيًّا أو مسمو ًعا، وعملياته بد َّقة علمية..
أو من خلال التكنولوجيا، وذلك بالرجوع إلى التراث
الثقافية والاجتماعية الإنساني وربطه بالحاضر
والدينية المهيمنة على وإلى جانب ذلك قد من خلال المقارنة ،وإيجاد
الأوساط الشعبية ،فبدأ تتواجد بعض العمليات
الاهتمام بالبحث في الاستخباراتية المتمثلة في عناصر التغيير المختلفة،
الإنسان الجزائري ،وكان الصورة التقليدية أو في واستنتاج المؤ ِّشرات
العسكريون الفرنسيون هم الصورة الحديثة ،مثال تلك
الأوائل الذين خاضوا حقل المواقع الاجتماعية التي والتوقعات لا ِّتجاه التغيير
الدراسات الأنثربولوجية، تجتذب فرائسها بإغراءات المحتمل ،في الظواهر
فقد أدركت الإدارات غالبًا ما تكون مالية(.)11
الاستعمارية أن البحث
الأنثروبولوجي لما له من من َثم نجد حالة من
قوة على اختراق المجتمعات الارتباط بين علم
وتحليلها بدقة؛ كفيل
الأنثروبولوجيا الذي يعتبر
الأساس العلمي للحروب
الحديثة من خلال دراساته
لمجتمعات بشرية معينه
والتوصل إلى سماتها ،مما
يسهل السيطرة على عقول
أفرادها وتوجيههم إلى ما
يخدم مصالح العدو.