Page 231 - merit 43- july 2022
P. 231

‫منذ أن بدأت موسكو‬                                        ‫إيمانويل ماكرون‬
      ‫بنشر قواتها في سوريا‬
    ‫عام ‪ ،2015‬ظهر نوع من‬                                    ‫وحاسم‪ ،‬يكاد يكون لأول‬
   ‫تقارب الأوزان جيوسياس ًّيا‬                                ‫مرة‪ ،‬أن الولايات المتحدة‬
 ‫بين روسيا وتركيا‪ ،‬بل بدت‬
   ‫مساحة تركيا في المناورة‬                                        ‫كانت وراء الأحداث‬
‫أوسع من مساحة روسيا رغم‬                                      ‫الحالية في أوكرانيا‪ ،‬وهي‬
   ‫الفارق في الجغرافيا وفي‬
 ‫الإمكانيات العسكرية وفي‬                                         ‫التي توجهها‪ .‬وأن ما‬
     ‫بعض قطاعات الاقتصاد‪.‬‬                                      ‫يحدث الآن في أوكرانيا‬
                                                             ‫يظهر من كان يوجه هذه‬
   ‫أعطاه الروس لأوروبا أو‬      ‫إضاءات على تاريخ‬               ‫العملية منذ البداية‪ ،‬لكن‬
  ‫للرفاق السوفييت القدامى‬            ‫الأزمة‬                    ‫في المراحل الأولى كانت‬
‫الذين سعوا إلى الابتعاد عن‬                                     ‫الولايات المتحدة تفضل‬
   ‫موسكو مفضلين التكامل‬            ‫إن أزمة الغاز في يناير‬     ‫البقاء في الظل‪ .‬ولم ينس‬
                                      ‫‪ 2006‬بين روسيا‬
    ‫مع المؤسسات والهيئات‬                                         ‫بوتين أي ًضا أن ينفى‬
            ‫الأوروأطلسية‪.‬‬         ‫وأوكرانيا ألقت بظلالها‬   ‫وجود أي قوات روسية أو‬
                                   ‫على منظومة العلاقات‬
‫لا شك أن روسيا تؤكد يو ًما‬     ‫الهشة‪ ،‬سواء السياسية أو‬       ‫مدربين عسكريين روس‬
‫بعد آخر بأن أحد المرتكزات‬        ‫الاقتصادية‪ ،‬بين روسيا‬         ‫في أوكرانيا‪ ،‬مشي ًرا إلى‬
                                 ‫وأوروبا من جهة‪ ،‬وبين‬         ‫أن الدول الغربية خلقت‬
       ‫الأساسية لسياستها‬        ‫الأولى وأوكرانيا من جهة‬
    ‫الخارجية يتمحور حول‬       ‫أخرى‪ .‬وكشفت عن مساعي‬            ‫الأزمة الأوكرانية‪ ،‬والآن‬
  ‫عنصر الطاقة بكل روافده‬      ‫موسكو إلى استخدام آليات‬      ‫تبحث عن المذنبين وتفرض‬
‫وأشكاله‪ .‬وليس مصادفة أن‬             ‫جديدة في التعامل مع‬
 ‫أعلن بوتين عام ‪ 2005‬أن‬           ‫الجمهوريات السوفيتية‬           ‫عقوبات على روسيا‪،‬‬
 ‫عام قيادة روسيا لمجموعة‬         ‫السابقة التي خرجت عن‬      ‫مؤك ًدا أن لا علاقة لروسيا‬
 ‫الثماني الكبار سيكون عام‬      ‫«الطوع الروسي»‪ .‬غير أن‬
     ‫«أمن الطاقة» في العالم‪.‬‬    ‫الأخطر هنا هو أن تسوية‬          ‫بالأحداث في أوكرانيا‪،‬‬
  ‫لقد توخت موسكو تحقيق‬            ‫الأزمة كشفت عن جملة‬      ‫ومشي ًرا في الوقت نفسه إلى‬
    ‫هدفين رئيسيين‪ :‬الأول‪،‬‬     ‫من المعضلات الأخرى التي‬      ‫أن الدول الغربية خلقت هذا‬
‫استعادة السيطرة على شبكة‬      ‫تلخص الدرس العميق الذي‬       ‫الوضع بنفسها وتريد الآن‬
 ‫أنابيب نقل الغاز إلى الدول‬
 ‫الأوروبية‪ ،‬ومن ثم التحكم‬                                      ‫تسويته بأيدي روسيا‪.‬‬
   226   227   228   229   230   231   232   233   234   235   236