Page 8 - merit 43- july 2022
P. 8
العـدد 43 6
يوليو ٢٠٢2
وقد لا تكون هي المؤثرة في الحدث أص ًل!
الدعاية الأحادية والمشاهد السلبي
ولو تصورنا أن (دولة) ما هي التي تنتج
المادة الدرامية التاريخية ،فالأقرب أنها تريد
تصدير وجهة نظرها ،وترسيخها ،حتى لو
كان على حساب الحقيقة ،أو –بافتراض حسن
النية -هي ترى أن هذه هي الحقيقة بالفعل،
لكن رأيها لا ينفي وجود وجهات نظر أخرى
من حقها أن تعبر عن وجودها ،وأن تقدم
(درامتها) الموازية ،ليكون للمشاهد حق
الاختيار ،أو ليستطيع تكوين وجهة نظر ثالثة
لا هي هذه ولا تلك.
سلاح الدعاية الأحادية تلك ليس جدي ًدا،
استخدمته بلدان كثيرة في مراحل متعددة من
تطور الإنسانية ،كل حسب موقفه وموقعه
من التاريخ ،وحسب ما يريد توصيله لمواطنيه
(لأن هذا النوع آني وموجه لدائرة محلية
بالأساس) ،فكثير من الأفلام والمسلسلات
أُنتجت حول العالم لهذا الغرض ،وفي معظم
الحالات تأتي بالنتيجة المرجوة بالفعل ،اعتما ًدا
على أن (المشاهد السلبي) لا يطرح أسئلته
على المادة الفنية المقدمة ،ولا ينشغل بالناقص
أو المسكوت عنه ،بل (يتلقى) الرسالة بعبلها
دون تمحيص أو تفكير ،خاصة أن هذا النوع
من الدراما يكون مسبو ًقا بدعايات إعلامية
كبيرة ،ومصاحبًا بها ،وهو ما لا يعطي فرصة
للتفكير ،خاصة إن كنا نتحدث عن قطاعات
لا يع ُّد التفكير شاغ ًل أساسيًّا -أو هامشيًّا-
بالنسبة لها ،وعلى فكرة :هذه القطاعات هي
المستهدفة بالفعل لأنها التي ستصوت في
الانتخابات ،والصوت الانتخابي بصوت واحد
مهما كان مستوى تعليم أو إدراك وثقافة
المُص ِّوت!
الناصر صلاح الدين
لكن ..لكي تكتمل صورة علاقة الدراما
بالتاريخ يجب أن أشير إلى طريقتين في صنع