Page 9 - merit 43- july 2022
P. 9

‫افتتاحية ‪7‬‬

               ‫الدراما التاريخية‪ ،‬يمكن أن يتخلَّصا –جزئيًّا‪-‬‬
               ‫من العيوب التي ذكرتها‪ ،‬ولا يكونا أداة في يد‬
                ‫أحد‪ ،‬على اعتبار أن الفن الجيد هو الفن الحر‬

                 ‫أسا ًسا‪ ،‬والفن الحر لا يكون أداة لأحد أب ًدا‪.‬‬
                 ‫الطريقة الأولى‪ :‬هي صناعة دراما تاريخية‬
                   ‫قديمة‪ ،‬مرت سنوات طويلة أو قرون على‬
                 ‫أحداثها الفعلية‪ ،‬وبالتالي توفرت أمام كاتب‬

                   ‫السيناريو كل وجهات النظر المتعارضة‪،‬‬
                  ‫واستطاع بالاطلاع عليها أن يك ِّون وجهة‬
                ‫نظر يراها الأصح‪ ،‬مع التركيز على أنها تظل‬
                   ‫وجهة نظر أي ًضا‪ ،‬مثال ذلك فيلم الناصر‬
                ‫صلاح الدين (تقييمه ‪ 7.7‬على موقع ‪،imdb‬‬
               ‫ويحتل المرتبة الحادية عشرة في قائمة أفضل‬
                ‫مئة فيلم في تاريخ السينما المصرية)‪ ،‬إخراج‬
                 ‫يوسف شاهين‪ ،‬إنتاج شركة الفيلم العربي‬
                 ‫(آسيا داغر) عام ‪ ،1963‬عن قصة ليوسف‬
              ‫السباعي ومعالجة لعز الدين ذو الفقار‪ ،‬محمد‬
                   ‫عبد الجواد‪ ،‬نجيب محفوظ‪ ،‬عبد الرحمن‬
               ‫الشرقاوي‪ ،‬وتدور أحداثه –كما هو معروف‪-‬‬
                   ‫في فترة الحروب الصليبية والصراع على‬
              ‫مدينة القدس بين الجيشين الصليبي والمسلم‪.‬‬

                     ‫لا شك أن (نسبة) الحياد في هذا الفيلم‬
               ‫كبيرة إذا قورنت بالدراما التي تتناول أحدا ًثا‬

                  ‫آنية كما أشرت‪ ،‬لكنه مع ذلك لم يخل من‬
                    ‫(التحريف) لأسباب فنية تخص الحبكة‬

                  ‫ورسم الشخصيات وتطورها بغية التأثير‬
               ‫على المشاهد‪ ،‬من ذلك –حسب ما ذكرت بعض‬

                   ‫التقارير الصحفية‪ :-‬أن عيسى العوام لم‬
                ‫يكن مسيحيًّا‪ ،‬وإنما غواص مسلم حارب مع‬

                 ‫صلاح الدين وتوفى غر ًقا على شواطئ عكا‬
                 ‫حسب رواية بهاء الدين بن شداد في كتابه‬
                  ‫«النوادر السلطانية والمحاسن اليوسفية»‪.‬‬
                  ‫كما أن إبراز الصليب وقرع الأجراس كما‬
                 ‫حدثت في الفيلم تخالف الواقع‪ ،‬لأن الوثيقة‬
                ‫العمرية نصت على أن «لا ُيظ ِهروا صليبًا ولا‬
               ‫شيئًا من كتبهم في شي ٍء من طرق المسلمين‪..‬‬
               ‫ولا يضربوا بالناقوس إلا ضر ًبا خفي ًفا‪ ..‬ولا‬

                                      ‫يخرجوا شعانين”‪.‬‬
                ‫كذلك ما قيل عن أن ريتشارد ملك إنجلترا –‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14