Page 5 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 5

‫المجلس‬                ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬    ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

                   ‫حرية الـم أرة‬
        ‫«د ارسة فى فكر زكى نجيب محمود»‬

              ‫الأستاذة الدكتورة‪ /‬أمل مبروك عبد الحليم‬

                        ‫أستاذ الفلسفة الحديثة والمعاصرة‬
        ‫ورئيس قسم الد ارسات الفلسفية ‪ -‬كلية الآداب – جامعة عين شمس‬

        ‫تقـع التبعـة بعـد ذلـك‪ .‬ولـو ُسـِل َب واحـد مـن النـاس‬                                           ‫الـمقـدمـــة‬
        ‫هـذه الأمانـة التـي وكلـت إلـى نوعـه‪ ،‬لارتـد مـن فـوره‬      ‫شـغلت مشـكلة «الحريـة» اهتمـاَم «زكـي نجيـب‬
                                                                    ‫محمـود» منـذ مطلـع شـبابه‪ ،‬واسـتمَّر طيلـة حياتـه‬
           ‫«شـيًئا» مـن الأشـياء بعـد أن كان إنسـاًنا»(‪.)1‬‬

        ‫وهذا البحث يلقي الضوء على جانب من جوانب‬                     ‫داعًيـا لهـا‪ ،‬مؤمًنـا بهـا‪ ،‬مداف ًعـا عنهـا‪ .‬وليسـت ثمـة‬
        ‫«الحريـة» التـي دعـا إليهـا «زكـي نجيـب محمـود»‪،‬‬            ‫مبالغـة إذا قلنـا إننـا لا نـكاد نجـد مؤلًفـا مـن مؤلفاتـه‬
        ‫وهـو الجانـب الخـاص بـ«حريـة المـ أرة»‪ ،‬تلـك الفكـرة‬        ‫إلا ويتعـرض فيـه لهـذه المشـكلة‪ ،‬سـواء بطريقـة‬
        ‫التـي اهتـم بهـا كثيـٌر مـن المفكريـن التنويرييـن منـذ‬
        ‫فجـر نهضتنـا الحديثـة‪ .‬فمـع نهايـة القـرن التاسـع‬           ‫مباشـرة أو غيـر مباشـرة‪ .‬ويتمثـل جانـب مـن دعوتـه‬
        ‫عشـر‪ ،‬خاصـة بعـد عـودة المبتعثيـن المصرييـن‬
        ‫مـن فرنسـا وعلـى أرسـهم «رفاعـة الطهطـاوي»‬                  ‫إلـى «الحريـة» فـي حرصـه علـى تقديـم صـورة‬
        ‫(‪ )1873-1801‬ووعيهـم بالفـارق الشاسـع بيـن‬
        ‫الوضـع الاجتماعـي للمـ أرة المصريـة مقارنة بالوضع‬           ‫للإنسـان العربـي الجديـد‪ ،‬صـورة يظهـر فيهـا حـًّار‬
        ‫الاجتماعـي للمـ أرة الفرنسـية والأوروبيـة‪ ،‬بـدأ هـؤلاء‬      ‫معتـًّاز ب أريـه وبالطريقـة التـي يختارهـا لحياتـه‪ ،‬حتـى‬
        ‫المفكـرون ينـادون بتحريـر المـ أرة وحقهـا فـي التعليـم‪،‬‬
        ‫وأخـذ الإمـام الشـيخ «محمـد عبـده» (‪-1849‬‬                   ‫تتحقـق لـه الك ارمـة والقداسـة اللتـان مـن شـأنهما أن‬
        ‫‪ )1905‬علـى عاتقـه المنـاداة بحـق تعليـم الفتيـات‬
        ‫الصغيـ ارت وإرسـالهن إلـى المـدارس الابتدائيـة‬              ‫تدفعـاه إلـى الأمـام فـي شـوط الحضـارة‪ .‬وهـذا هـدف‬
        ‫لتحصيل العلم أسـوة بالصبيان‪ .‬وسـرعان ما وجدت‬
        ‫دعوتُـه صـدى لـدى كبـار رجـال الأمـة المصريـة فـي‬           ‫نبيـل مـن جملـة الأهـداف النبيلـة التـي كان يسـعى‬
        ‫ذلـك العهـد ابتـدا ًء بالزعيـم الوطنـي «سـعد زغلـول»‬
        ‫(‪ )1927-1858‬ومـروًار بكبـار المفكريـن ورجـال‬                ‫إلـى تحقيقهـا «زكـى نجيـب محمـود» والـذي يدخـل‬
        ‫الأدب والقانـون أمثـال «لطفـي السـيد» (‪-1872‬‬
        ‫‪ ،)1963‬و«طـه حسـين» (‪،)1973-1889‬‬                            ‫ضمـن إطـار نزعتـه التنويريـة‪ .‬يقـول‪« :‬مـا زلـت‬

                                                                    ‫حتـى هـذه اللحظـة أومـن إيماًنـا ارسـ ًخا بـأن الإنسـان‬
                                                                    ‫كائـن مريـد حـٌّر فـي اختيـار مـا يريـده‪ ،‬وأنـه – دون‬
                                                                    ‫سـائر الكائنـات – ليـس حصيلـة سـلبية للعناصـر‬

                                                                    ‫الخارجيـة المحيطـة بـه‪ ،‬بـل هـو مبـدع خـاق يأتـي‬

                                                                    ‫بالجديـد الـذي يضـاف إلـى الوجـود خلًقـا جديـًدا‪،‬‬
                                                                    ‫يكـون لـه فضلـه‪ ،‬وعليـه تبعتـه»‪ ،‬ويقـول فـي موضـع‬
                                                                    ‫آخـر‪« :‬الإنسـان هـو وحـَده دون سـائر الكائنـات‬
                                                                    ‫جمي ًعـا‪ ،‬قـد ُكِتـ َب لـه – أو ُكِتـ َب عليـه – أن تُوضـع‬
                                                                    ‫الأمانـة الكبـرى بيـن يديـه – أمانـة الحريـة – وعليـه‬

                                                                 ‫‪5‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9   10