Page 6 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 6
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
ضـرورة التحـرر والإفصـاح عـن ذلـك الوعـي»(.)5 مجلــــــــــــــــة
حيـن قامـت الحـرب العالميـة الثانيـة وانتهـت، و«قاسـم أميـن» ( ،)1908-1863وكان هـذا
اشـتدت الحركـة نحـو المطالبـة بالحريـة .ثـم شـاء الأخيـر أكثـر المتحمسـين لقضيـة تعليـم الفتيـات فـي
الله – كمـا يقـول «زكـى نجيـب محمـود» – للأمـة
العربيـة كلهـا أن يتدخـل عنصـر مفاجـئ ،وهـو قيـام سـبيل تحريـر المـ أرة(.)2
إسـ ارئيل عـام 1948فأصبحـت المطالبـة بالحريـة
– فـي هـذا الموقـف الجديـد – أوسـ َع وأكثـر تعقيـًدا. وعلـى الرغـم مـن القيمـة الكبـرى المترتبـة علـى
وقامـت ثـورة 1952لتطالـب بحريـة جديـدة تضـاف مسـاواة المـ أرة بالرجـل ،فإنهـا – كمـا أرى «زكـي
إلـى الحريـة السياسـية التـي ظفرنـا بهـا عـام 1919 نجيـب محمـود» – لـم تتقـدم خطـوة عـن نضالهـا
وهـي «الحريـة الاجتماعيـة» .وإذا كانـت الثورتـان الماضـي؛ وهـذا مـا دعـاه بالفعـل إلـى أن يقـول:
السابقتان قد دعتا إلى «التحرر» من قيود مختلفة، «إن امـ أرة عصرنـا لتجـد نفسـها فـي أزمـة حـادة،
فقـد جـاءت ثـورة 1952لتدعـو إلـى «الحريـة»، نلمسـها فـي كل مـن نعرفهـن مـن ذوات القربـى
والفـرق بعيـد بيـن «التحـرر» و«الحريـة»؛ فالتحـرر ومـن الزميـات فـي مجـال العلـم والعمـل؛ لأنهـا
هـو تحطيـم القيـود والحريـة هـي العمـل الإيجابـي تجـد نفسـها مشـدودة بيـن قطبيـن نقيضيـن ،فمـن
هنـا تقاليـد تضعهـا موض ًعـا لـم يعـد يصلـح لهـا،
الحـر الـذي يضطلـع بـه مـن تحطمـت قيـوده(.)6 ومـن هنـاك مشـاركة فـي نشـاط العصـر وثقافتـه
تجذبهـا جذًبـا إلـى أن تقـف مـع الرجـل الـزوج والأخ
علـى أن هـذه «الحريـة» التـي تحـدث عنهـا والزميـل فـي صـف واحـد ،فأيـن عسـاها أن تجـد
«زكـي نجيـب محمـود» هـي «الحريـة» بمعناهـا
السـلبي التـي تنحصـر فـي تحطيـم الأغـال والقيـود، منافـذ الخـاص؟»(.)3
«فـإذا حصلنـا علـى اسـتقلال ممـن كان يسـتعمرنا
أو يقيدنـا مـن الخـارج ،فلـن نسـتطيع الحصـول -1معنى الحرية
بعـد علـى هـذا التحـرر الاسـتقلالي الـذي يجعلنـا
ننعـم بالحريـة»( .)7معنـى هـذا أن الأغـال كلهـا يمكـن القـول إن اهتمـام «زكـي نجيـب محمـود»
إذا فكـت ،والقيـود جميعهـا إذا ُحطمـت ،يبقـى بعـد بـ«مشـكلة الحريـة» ينطـوي علـى جانبيـن :جانـب
ذلـك أهـم جانـب مـن جوانـب الحريـة ،وهـو الجانـب سـلبي ،وآخـر إيجابـي .الجانـب السـلبي هـو :الجانـب
الإيجابـي ،الـذي يتصـل بقـدرة الإنسـان علـى أداء الخاص بالتحرر من القيود التي تكبلنا من الخارج،
عمـل معيـن ،إذ ترتبـط تلـك القـدرة ارتبا ًطـا وثيًقـا «كالتحـرر مـن الاحتـال البريطانـي ،وتحـرر المـ أرة
بمقـدار مـا عنـده مـن معرفـة بمـا يريـد أن يؤديـه»(). مـن طغيـان الرجـل ،وتحـرر العامـل الز ارعـي مـن
هـذا يعنـي« ،أن الإنسـان لكـي يكـون حـًّار ،لا بـد أن اسـتبداد مالـك الأرض ،وتحـرر العامـل الصناعـي
يضطلـع بعمـل يؤديـه أدا َء القـادر الماهـر العـارف مـن تحكـم صاحـب أرس المـال ..وهكـذا»( .)4وقـد
بأسـ ارر مهنتـه ،وهـو حـر بقـدر مـا يكـون فـي وسـعه أعطـى صـوًار مـن التاريـخ المصـري الحديـث ليتعقـب
أن يسـيطر علـى مـادة مهنتـه ،مل ًمـا بمجالهـا ،عارًفـا – من خلالها – فكرة «الحرية» صورتها ومفهومها.
يقـول« :سـأتحدث عـن مصـر لأن حقائـق التاريـخ
المصـري فـي هـذه الفتـرة أوضـح لـى منهـا فـي أي
جـزء آخـر مـن الوطـن العربـي ...وقـد يكـون الفـرق
بيـن جـزء وآخـر مـن أجـ ازء الوطـن العربـي هـو وعـي
6