Page 7 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 7
المجلس لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
مجلــــــــــــــــة
حقائقهـا ودقائقهـا وطبيعـة مجالهـا»( .)8فـ«حريـة» سـبيل المثـال – أن قضيـة تحسـين وضـع المـ أرة فـي
الطبيـب – مثـاً – هـي أن يعـرف أيـن يكـون شـفاء المجتمـع ،هـو المدخـل الأساسـي لحـل المشـكلات
مريضـه وكيـف؟ و«حريـة» القاضـي هـي أن يعـرف الاجتماعيـة السـائدة ،حيـث اقتنـع بفكـرة أن الواقـع
مسـالك القانـون وحنايـاه ،ليعـرف أيـن يقـع منهـا مـن المتخلـف للنسـاء المصريـات – المتمثـل فـي قلـة
قدمـوه إليـه ليحاكمـه ،وهكـذا يكـون معنـى «الحريـة» فـرص التعليـم الحديـث وانع ازلهـن داخـل بيوتهـن –
فـي كل ميـدان مـن مياديـن العمـل .الإنسـان الحـر هو من أهم الأسباب و ارء تخلف المجتمع المصري
ككل؛ وأن نهضـة مصـر مرهونـة بتحسـين وضـع «يعـرف» فيتصـرف علـى هـدى معرفتـه تصرًفـا
نسـائها .انطلاًقـا مـن هـذه الفكـرة ،أفـاض التنويريـون مؤدًيـا بـه إلـى تحقيـق غايتـه ،وغيـر الحـر لا يعـرف
فـي التعبيـر عـن اهتمامهـم بوضـع المـ أرة وتناولـوا أنـه يقـف أمـام وقائـع الحيـاة العمليـة فاغـًار فـاه فـي
قضايـا شـتى فـي التعليـم والعمـل والتربيـة والمظهـر ذهـول التائـه الـذي ضـل الطريـق(.)9
الخارجـي وعلاقـة كل ذلـك بتطـور الوطـن(.)12 هكـذا ربـط مفكُرنـا رب ًطـا دقيًقـا بيـن «الحريـة»
ولقـد أرجـع «قاسـم أميـن» تـردى الأخـاق بمعناهـا الإيجابـي ،وقـدرة الإنسـان علـى أداء عمـل
معيـن «يعـرف» كيـف يقـوم بـه؛ أي أن «الحريـة» المفضـي إلـى احتقـار المـ أرة ،ووضعهـا فـي مكانـة
هـي لمـن يعـرف تفاصيـل الميـدان الـذي يريـد أن أدنـى مـن مكانـة الرجـل ،إلـى توالـى الحكومـات
يكـون فيـه حـًّار« .وإذا وسـعنا هـذا المعنـى ليشـمل الاسـتبدادية .فهـو يـرى أن الاسـتبداد إذا غلـب علـى
الحيـاة كلهـا ،لقلنـا إن حريـة الحيـاة فـي شـعب مـا أمـة ،فـإن أثـره فـي الأنفـس لا يقتصـر علـى الحاكـم
مرهونـة بمقـدار مـا اكتسـب مـن معرفـة أو علـوم الأعلـى المسـتبد ،وإنمـا يتصـل منـه بمـن حولـه،
تنيـر أمـام أفـ ارده الطريـق ،طريـق السـلوك الفعلـي و»ينفـث روحـه فـي كل قـوى بالنسـبة لـكل ضعيـف
فـي المياديـن المختلفـة .وإذا توافـرت للمجتمـع متـى مكنتـه القـوة مـن التحكـم ...ولـذا «كان مـن
أثـر هـذه الحكومـات الاسـتبدادية أن الرجـ َل فـي قوتـه مجموعـات مـن العلمـاء والعارفيـن ،واختصـت كل
أخـذ يحتقـر المـ أرة فـي ضعفهـا»( ،)13و»خـص نفسـه منهـا فـي فـرع مـن فـروع العلـم والمعرفـة إلـى حـد
بـكل حـق ،وحرمهـا مـن كل حـق ،ولـه الحريـة ولهـا تمتعهـا بالحريـة فـي هـذا الفـرع حتـى تنيـر للآخريـن
الـرق ،لـه العلـم ولهـا الجهـل ،لـه العقـل ولهـا البلـه، فـي كل مـا يتصـل بـه ،فعندئـٍذ تنضـم هـذه الحريـات
الفرعيـة فـي التخصصـات المختلفـة بعضهـا إلـى لـه الضيـاء ولهـا الظلمـة والسـجن ،لـه الأمـر والنهـي
بعـض لتشـكل – فـي النهايـة – حريـة الشـعب ولهـا الطاعـة والصبـر ،لـه كل شـيء فـي الوجـود
وهـي بعـض ذلـك الـكل الـذي اسـتولى عليـه»(.)14 بأجمـل معانيهـا وأجمـل صورهـا»(.)10
إن الرجـل – أو أي سـلطة مسـتبدة – قـد واصـا -2وضــــــع الـمــــ أرة
علـى امتـداد القـرون ،ممارسـة التمييـز ضـد المـ أرة.
والقضـاء علـى هـذا التمييـز هـو – بمصطلـح «قاسـم قضية «الم أرة» من القضايا المحورية في الجدل
أميـن» – قضـاء علـى الانحطـاط الـذي تـردت إليـه الاجتماعـي والسياسـي الدائـر حـول بنـاء المجتمـع
أوضـاعُ المـ أرة المصريـة والعربيـة والمسـلمة ،وهـو الحديـث فـي أواخـر القـرن التاسـع عشـر وبدايـات
القـرن العشـرين .فقـد أرى «قاسـم أميـن»( – )11علـى
7