Page 10 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 10
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
يلـزم عنهـا نتائـج خطيـرة تهـدد منطلقـات الخطـاب مجلــــــــــــــــة
الدينـي تهديـًدا مباشـًار ،كمـا أن الهـدف مـن خلـع
الحجـاب وإلقائـه فـي البحـر هـو رمـز للدعـوة إلـى العقلـي والوجدانـي إلـى مصيـر لا يعلمـه إلا رب
نبـذه؛ بـل إغ ارقـه فـي اليـم ليصبـح نسـًيا منسـًّيا ،ثـم العالمي ـن»(.)25
أي ًضـا فـي محـاكاة المـ أرة المصريـة للمـ أرة الغربيـة
فـي كل مـا تأتـي ومـا تـذر .وبمعنـى أوضـح وفـى هـذا الإطـار ُيبـرز مفكُرنـا الفـارَق الشاسـع
ينسـحب هـذا علـى فصـل الأخـاق عـن الديـن، بيـن حيـاة المـ أرة المصريـة فـي الماضـي وحياتهـا
وفصـل الديـن عـن الأخـاق ،وصـولاً إلـى فصـل اليـوم ،فيقـول« :كانـت المـ أرة المصريـة فـي بارحتهـا
الديـن عـن الدولـة ،وفصـل الدولـة عـن الديـن(.)30 تتوثـب طمو ًحـا وكأنهـا أ اردت أن تبلـغ الأفـق البعيـد
بقفـزة واحـدة .إنـك لـو أريتهـا فـي الأعـوام الأولـى مـن
لكـن الشـريعة الإسـامية – فيمـا يـرى «زكـي بارحتهـا تلـك ،إذن ل أريـت مـا يشـبه القـوس المشـدود
نجيـب محمـود» – لا تُقـر الحجـاب بمعنـى الحبـس إلـى صـدر ارميهـا ،وقـد سـحنت بالتحفـز ،حتـى
والحجـر والمهانـة ،لكـن بمعنـى التصـون والعفـة إذا مـا ارتخـت عنهـا قبضـة ال ارمـي ،طـارت حتـى
والاحتشـام .معنـى هـذا أنـه إذا كان مبـدأ الإسـام نافسـت نسـور السـماء وصقورهـا ،وبضربـات منهـا
بالنسـبة للمـ أرة أن تأتـي ملابسـها علـى صـورة سـريعة متلاحقـة ،حطمـت قيـود الحريـم ،واسـتردت
الاحتشـام ،فيجـب عليهـا أن تلتـزم بهـا فهنـاك – كمـا ك ارمتهـا المفقـودة وإنسـانيتها الضائعـة ...وأمـا فـي
يقـول – «فـرق أن تطالـب المـ أرة اليـوم بـأن يجـيء ليلتهـا فقـد فتـرت العزيمـة ومـا حسـبناها تفتـر بهـذه
ثوبها على غ ارر ما كان الثوب عند سالفتها ،وبين السـرعة الخاطفـة»( .)26ويقـول أي ًضـا« :مـا أبعـد
أن نتـرك لهـا حريـة التصـرف شـريطة أن ت ارعـى الفرق بين حياة الم أرة المصرية بين الليلة والبارحة،
مبـدأ الاحتشـام فـي ظـروف الحيـاة الجديـدة»(.)31 ففـي بارحتهـا ألقـت بحجابهـا فـي ميـاه البحـر عنـد
وفيمـا يخـص مسـألة الـزي ،يقـدم لنـا «مفكرنـا» شـواطئ الإسـكندرية»( ،)27إيذاًنـا بدخولهـا عصـر
صـورة لامـ أرة عربيـة قـد رآهـا فـي إحـدى العواصـم النـور ،وأمـا فـي ليلتهـا هـذه فباختيارهـا تطلـب مـن
الكبـرى ويصفهـا لنـا بقولـه« :هـي صـورة امـ أرة لفـت شـياطين الظـام أن ينسـجوا لهـا حجاًبـا يـرد عنهـا
جسـدها بمـا يشـبه عبـاءة سـوداء ،مـن أرسـها إلـى
قدميها ،أريتها ....وقد تعثرت في غطائها الأسـود ضـوء النهـار»(.)28
فوقعـت بيـن الزحـام ،ثـم أسـرعت مقرفصـة إلـى ركـن
وقبعـت فيـه ،وكأنهـا ترتجـف داخـل سـوادها ممـا والمقصـود بدلالـة الحجـاب( )29فـي النـص
أصابهـا ومـا كان يمكـن أن يصيبهـا ...لكـن قلبـي السـابق ،هـو حجـب عقـل المـ أرة عـن آفـاق المعرفـة
الحزيـن أنطـق لسـاني بصيحـة ملتاعـة :متـى يجـيء الحـرة ،وحجـب وجودهـا الاجتماعـي بحبسـها
اليـوم – يـا رب – الـذي تكـون فيـه هـذه المـ أرة نفسـها داخـل أسـوار البيـت؛ كذلـك سـتر وجودهـا الفيزيقـي
بالحجـاب الـذي ُي ّعـُد تجسـيًدا رم ّزًيـا لـكل معانـي
ارئـدة مـن ارئـدات الفضـاء؟!»(.)32 التغطيـة العقليـة والاجتماعيـة .ولقـد تعـرض
مفكرنـا إلـى رد فعـل عنيـف بسـبب هجومـه علـى
الحجـاب ودفاعـه عـن «سـفور الوجـه» الـذي يـؤدي
إلـى «سـفور الـروح» .وقـد اسـتنبط الذيـن هاجمـوه
أن الدعـوة إلـى نبـذ الحجـاب هـي مجـرد مقدمـة
10