Page 9 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 9

‫المجلس‬                        ‫لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا‬  ‫المجلس الأعلى للثقافة‬

        ‫مجلــــــــــــــــة‬

        ‫أمـام الشـباب‪ .‬ثانًيـا‪ :‬ظهـور نمـوذج اجتماعـي‬              ‫لكـن المأسـاة حًّقـا – كمـا يقـول مفكرنـا – أن‬
        ‫نقـل إلينـا عـن آخريـن فوجـد ذلـك النمـوذج ترحيًبـا‬        ‫المـ أرة هـي التـي أخـذت ترتـاب فـى جـدوى التعليـم‬
        ‫مـن الشـباب اليائـس‪ .‬ثالثًـا‪ :‬ثـو ارت الشـباب التـي‬        ‫بالنسـبة إليهـا‪ ،‬وتشـك كذلـك فـي مشـروعية حقوقهـا‬

        ‫الإنسـانية مـن حيـث هـي مواطنـة فـي المجتمـع‪ .‬عمـت العالـم وبلغـت ذ ارهـا خـال السـتينيات‬

        ‫وتكتمـل فصـول المأسـاة – علـى حـد قولـه ‪« -‬حيـن فـي أوروبـا وأمريـكا بصفـة خاصـة‪ ،‬وفـي أرجـاء‬

        ‫العالـم بدرجـات متفاوتـة؛ فـكان لتلـك الثـورة العقليـة‬     ‫نـرى الرجـال يصفقـون لهـا إعجاًبـا بضمورهـا وذبولها‬
        ‫والنفسـية صداهـا فـي الشـباب المصـري‪ ،‬لكنـه‬                ‫وعودتهـا إلـى حيـاة الحريـم‪ ،‬فـإذا أ ارد الله بإحداهـن‬

        ‫صـدى جـاء ليعكـس الترتيـب الطبيعـي للأوضـاع‬                ‫خيـًار‪ ،‬وجعلهـا تصمـد علـى الك ارمـة‪ ،‬وعلـى حقهـا‬
        ‫– كمـا يقـول «زكـي نجيـب محمـود» – «فبينمـا‬                ‫فـي الطمـوح مـن أجـل نفسـها ووطنهـا؛ ضاقـت‬

        ‫صـدور الرجـال وبكـوا علـى خـ ارب البيـوت وضيـاع الشـباب الثائـر فـي البـاد الأخـرى‪ ،‬كان يحتـج‬

        ‫الأطفـال»(‪ .)20‬فـي هـذا الصـدد يذهـب «جـون علـى أوضـاع الحيـاة ال ارهنـة وبـطء حركتهـا نحـو‬

        ‫سـتيو ارت مـل» ‪ )1873-1806( J.S. Mill‬إلـى المسـتقبل الجديـد المأمـول‪ ،‬أرينـا ثـورة شـبابنا تحتـج‬

        ‫أن تحريـم عمـل المـ أرة يعـود إلـى رغبـة الرجـل فـى هـي الأخـرى علـى أوضـاع الحيـاة ال ارهنـة‪ ،‬وتدعـو‬

        ‫الإبقـاء عليهـا رهينـة الحيـاة المنزليـة؛ لأنـه لـم يعتـد إلـى عـودة بهـا إلـى نمـوذج السـلف»(‪.)23‬‬

        ‫فـي سـياق حركـة الـردة العامـة الاجتماعيـة‬                 ‫بعـد فكـرة الحيـاة مـع شـخص كـفء يكـون نـًّدا لـه‬
        ‫والفكريـة‪ ،‬والتـي ظهـرت بوادرهـا فـي الواقـع‬               ‫أو نظيـًار لـه‪ .‬وأخيـًار‪ ،‬يـرى «زكـى نجيـب محمـود»‪،‬‬
        ‫المصـري خاصـة‪ ،‬وواقـع مجتمعـات العالـم العربـي‬             ‫مأسـاة المـ أرة فـي أنهـا صدقـت أن دنياهـا ليسـت‬
        ‫عامـة؛ ناقـش «زكـي نجيـب محمـود» وضـع المـ أرة‬             ‫هـي دنيـا النـاس‪ ،‬مـن علـم وعمـل‪ ،‬وفـن وأدب‬
        ‫فـي ضـوء الواقـع الاجتماعـي العـام‪ ،‬و أرى أن أبشـع‬         ‫وفكـر و أرى‪ ،‬وريـادة وهدايـة وجهـاد‪ ،‬صدقـت أن‬
        ‫جوانـب الـردة فـي حيـاة المـ أرة‪ ،‬ليـس هـو أنهـا تريـد‬     ‫«المـرء» و«المـ أرة»(‪ )21‬بينهمـا مـن التبايـن مـا بيـن‬
        ‫أن تتعلـم إلـى آخـر المـدى فيمنعهـا أحـد‪ ،‬وليـس‬            ‫الـروح والجسـد‪ ،‬أو مـا بيـن الطيـ ارن الطامـح فـي‬
        ‫أنهـا تريـد أن تعمـل بمـا تعلمتـه فيمنعهـا أحـد؛‬           ‫صعـوده‪ ،‬والقعـود المكبـل بأغـال الكسـيح‪ ،‬صدقـت‬
        ‫وإنمـا الجانـب البشـع مـن تلـك الـردة‪ ،‬هـو أن المـ أرة‬     ‫البريئـة أنهـا حليـة يتملكهـا مـن يقتنيهـا‪ ،‬ومـن حـق‬
        ‫تريـد أن تجعـل مـن نفسـها – وبمحـض اختيارهـا‬               ‫هـذا المقتنـى أن يلـف حليتـه باللفائـف وأن يحفظهـا‬
        ‫– حري ًمـا يتحجـب و ارء الجـد ارن أو يتسـتر و ارء‬
        ‫حجـب وب ارقـع‪ ،‬وكأنهـا الفريسـة السـهلة تخشـى أن‬                                        ‫فـي الخ ازئـن»(‪.)22‬‬

                                                                                      ‫‪ -3‬ردة في عالم الـمـــ أرة‬

        ‫تتخطفهـا الصقـور(‪ .)24‬ويقـول – فـي هـذا السـياق‬            ‫حيـن كتـب «زكـي نجيـب محمـود» عمـا أسـماه‬
                                                                   ‫«ردة فـي عالـم المـ أرة»‪ ،‬كان يناقـش قضيـة المـ أرة‬
        ‫أي ًضـا – «الـذي نلاحظـه فـي هـذه المـ أرة المرتـدة‬        ‫المصريـة فـي سـياق الـردة الاجتماعيـة والفكريـة‬
        ‫هـو أنهـا قـد تتعلـم‪ ،‬لكنهـا تتعلـم غيـر مؤمنـة بمـا‬       ‫العامـة بعـد هزيمـة ‪ 1967‬التـي نتـج عنهـا أولاً‪:‬‬
                                                                   ‫شـعور قـوي بالإحبـاط واليـأس وانسـداد الطريـق‬
        ‫تتعلمـه‪ ،‬وقـد تشـارك فـي مياديـن العمـل‪ ،‬لكنهـا غيـر‬

        ‫مؤمنـة بجـدوى العمـل؛ فهـى آخـذة فـي الضمـور‬

                                                                ‫‪9‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14