Page 12 - مجلة التنوير - العدد الثالث - نسخة لمستخدمي الآيفون
P. 12
لجنة الفلسفة وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا المجلس الأعلى للثقافة
حـول «المـ أرة والموازنـة بينهـا وبيـن الرجـل ،الـذي مجلــــــــــــــــة
يقـولُ« :فطـرت فـي الإنسـان مجموعـة مـن الغ ارئـز
والميـول “ ،”Instinctsهـي محـور سـلوكه فـي شـخصيات الأفـ ارد ،ثانيهـا :فـروق فـي أسـاليب
الحيـاة وقدرتـه علـى التصـرف والتفكيـر»( .)39وهـذه التعامـل فـي المجتمـع ،أي أن ننظـر إلـى الفـرد
الغ ارئـز الفطريـة – كمـا يـرى «ديو ارنـت» – قسـمها الواحـد ،لا مـن حيـث هـو كائـن قائـم ب أرسـه؛ بـل
علمـاء النفـس ثلاثـة أقسـام« :غ ارئـز تصـون حيـاة مـن حيـث هـو مواطـن يتعامـل مـع آخريـن هـم
الفرد» ،وأخرى «تعين على حياة المجتمع» ،وثالثة سـائر المواطنيـن .وثالثهـا :فـروق فـي موقـف كل
«تعمل على حفظ النوع بأسره» ،وهذا التقسيم يبين مـن الجنسـين فـي العمـل علـى اسـتم اررية الحيـاة
اختـاف المـ أرة عـن الرجـل فـي هـذه القـوى الطبيعيـة الإنسـانية ذاتهـا .ويـرى أنـه «إذا بدأنـا المقارنـة بيـن
التـي يتألـف منهـا الجانـب الكبيـر مـن شـخصية الجنسـين مـن النقطـة الثالثـة الخاصـة باسـتم اررية
الإنسـان .ويبدأ «ديو ارنت» بالغريزة التي من شـأنها الحيـاة الإنسـانية ،وقعنـا علـى اختـاف بينهمـا قـد
صيانـة النـوع البشـري بصفـة عامـة ،وهـي «الغريـزة يكـون هـو المصـدر الرئيـس – أو أحـد المصـادر
الجنسـية» لأنهـا – فـي موضـوع الموازنـة – أسـاس الرئيسـة – التـي منهـا يتفـرع سـائر مـا قـد نـ اره بيـن
يتفـرع عنـه كل اختـاف بيـن الذكـور والإنـاث فـي الرجـل والمـ أرة مـن أوجـه التبايـن؛ وذلـك لأن للمـ أرة
الجسـم والعقـل والسـمات الشـخصية( .)40ففـي عالـم دوًار فـي جانـب تلـك الاسـتم اررية لا يقـاس إليـه دور
الحيـوان نجـد الأنثـى – فـي كثيـر مـن الأنـواع – الرجـل .ومـن هـذه النقطـة تنبثـق أهـم خصائـص
أضخـم حج ًمـا مـن الذكـر ،وهـي فـوق ذلـك مكلفـة المـ أرة :فـرًدا وعضـًوا فـي المجتمـع لأنهـا نقطـة
بأداء الرسالة الحيوية الكبرى ،التي إن قيست إليها تحتـم عليهـا أن تميـل إلـى الحيـاة الآمنـة لتوفـر
رسـالة الذكـر فـي حفـظ الحيـاة؛ لـم تكـن إلـى جانبهـا للأبنـاء منا ًخـا صال ًحـا يتربـون فـي أمنـه حتـى يبلغـوا
شـيًئا مذكـوًار ،فـا جـدال فـي أن الأنثـى مـن الحيـاة النضـج ،ولا كذلـك الرجـل لأنـه بحكـم ضـرورة أن
بمثابـة الأسـاس ،والذكـر فـرع ثانـوي فـي حيـاة النـوع. يهيـئ مقومـات الحيـاة لهـؤلاء الأبنـاء قـد يضطـر
وتعمـل «الغريـزة الجنسـية» لتخـدم الغايـة الكبـرى إلـى المغامـرة بـل وإلـى القتـال ،ممـا ينتهـي بالمـ أرة
وهـي التناسـل واتصـال الحيـاة .وعلـى المسـتوى والرجـل إلـى م ازجيـن مختلفيـن فـي الأسـاس :المـ أرة
الإنسـاني نجـد أن الحيـاة الجنسـية هـي كل شـيء تبسـط جناحيهـا فـي هـدوء علـى مـا هـو موجـود
فـي المـ أرة ،فالحـب أقـوى أدوات الحيـاة الجنسـية، ليظـل موجـوًدا ،والرجـل يصفـق بجناحيـه ليطيـر.
والمـ أرة فـي الحـب أعقـل مـن الرجـل والرغبـة عندهـا إن اسـتق ارَر الحيـاة هـو أسا ًسـا مـن صنـع المـ أرة،
أقـل حـدة منهـا عنـد الرجـل؛ لذلـك قـل أن تضـل فـي والثـورة علـى الحيـاة لتغييرهـا هـي أسا ًسـا مـن صنـع
حكمهـا .ويـروى لنـا «تشـارلس دارويـن» Charles الرجـل ،ومـن هنـا تولـدت فـروق فرعيـة كثيـرة فـي
– )1882-1809( Darwinعلـى حـد قـول حيـاة كل منهمـا ،مـن حيـث همـا فـردان ومـن حيـث
«ديوارنـت» – أن معظـم الحيوانـات لا تعبـأ أنثاهـا
بموضوع «الحب»() على هذا الأسـاس يزعم بع ُض همـا عضـوان فـي حيـاة اجتماعيـة»(.)38
وبصـدد موضـوع الفـروق بيـن الجنسـين ،يذكرنـا
«زكـي نجيـب محمـود» بـآ ارء الفيلسـوف والأديـب
«ول ديو ارنـت» )1981-1858( Will Durant
12