Page 22 - التربية المقارنة_Neat
P. 22

‫المرحلة الأولى‪ :‬مرحلة وصف الحياة في البلاد الأجنبية‪-:‬‬

‫تتمثـل هـذه المرحلـة بـالرحلات والزيـارات التي كـان يقوم بهـا الرحـالـة والزائرون للبلاد المختلفـة‪،‬‬
‫وذلك بقصـــد وصـــف النظم التربوية والكيفية التي يوجه بها الكبار الصـــغار في المؤســـســـات التربوية‬
‫الموجودة في المجتمعـات‪ ،‬وغير ذلـك من الأمور التي لهـا ارتبـاط بنظـام التربيـة‪،‬وهـذا الوصــــف يمكن أن‬

                                     ‫ينقل إلى مجتمع آخر بالمشافهة‪ ،‬أو عن طريق كتابتها وتسجيلها ‪.‬‬
‫ولعل من أقدم أنواع هذه الكتابات ‪ :‬ما كتبه الرحالة الإغريقي بيثياس‪ ،‬الذي كان يســتوطن مرســيليا‬
‫في فرنســا‪ ،‬والذي كان أول من اكتشــف الجزر البريطانية ‪ .‬وقد ســجل رحلته واكتشــافه في كتابه " في‬

                                                                                        ‫المحيط "‪.‬‬
‫ومن أشــهر تلك الكتابات القديمة أيضــاً "رحلة ماركوبولو"‪ ،‬والتي ســجل فيها ماركوبولو رحلته‬

 ‫التي قام بها في فينيسيا بـإيطاليا‪ ،‬وزار فيها الشرق الأقصى‪ ،‬ثم سجل رحلته هذه في كتاب يحمل اسمها‪.‬‬
‫في العصـور الوسـطى كان للمسـلمين السـبق في وصـف الحياة في البلاد‪ ،‬كما بينا ذلك في الصـفحات‬
‫السـابقة‪ ،‬أما دور الغرب في هذه الفترة فقد كان محدوداً‪ ،‬نظراً لانعدام الاسـتقرار السـياسـي‪ ،‬والاجتماعي‬

                                                    ‫الذي عانت منه أوروبا حوالي قرنين من الزمان‪.‬‬

                               ‫المرحلة الثانية‪ :‬مرحلة وصف نظم التعليم في البلاد الأجنبية‪-:‬‬

‫وقد تضـمنت الفترة ما بين نهايات القرن الثامن عشـر حتى نهاية القرن التاسـع عشـر‪ ،‬وكان هدف‬
‫الباحثين فيها جمع البيانات الوصـفية عن النظم التعليمية الأجنبية‪ .‬ودراسـتها بغرض اسـتعارة أفضـل ما‬
‫يمكن اســتعارته منها‪ ،‬كلما أمكن ذلك لإصــلاح النظم التعليمية القومية‪ ،‬ومن أمثلة تلك الدراســات ما كتبه‬
‫فردريك أوجســــت هخـت تحـت عنوان " مقـارنة بين النظم التعليميـة الإنجليزية والنظم التعليميـة الألمـانيـة "‬
‫وقد نشـر ذلك الكتاب اللاتيني في عام ‪1795‬م‪ ،‬فحص فيه المدارس الإنجليزية والألمانية فحصـاً وصـفياً‪،‬‬
‫وأجرى بعض المقارنة‪ ،‬وعندما أراد بطرس العظيم قيصـر روسـيا إحداث تغيير جذري في مجتمعه بهدف‬
‫جعله يقف على قدم المســاواة مع شــعوب غرب أوروبا فقد أرســل بعض موظفيه للدراســة في المدرســة‬
‫البحرية الرياضـية الملكية الشـهيرة‪ ،‬و ذلك بقصـد إقامة مؤسـسـات تعليمية مشـابهة‪ ،‬لإعداد وتدريب الضـباط‬
‫والمهندســين البحريين الذين يحتاجهم الأســطول الروســي‪ ،‬وقد كان الغرض من ذلك كما عبر عنه هنري‬
‫برنارد أحد علماء التربية المقارنة الأمريكيين “ غرس الثقافة الغربية في روسيا ”‪ ،‬وقد حدث نفس الشيء‬
‫في إمبراطورية النمســا حين طلبت ملكتها ماريا تريزا من مســتشــارها الأمير كونتس تجميع بيانات عن‬
‫الإصـلاحات التعليمية في الدول الأجنبية بقصـد وضـع مخطط شـامل لتنمية التعليم في إمبراطوريتها‪ ،‬وفي‬
‫عام ‪1774‬م أرســل المســتشــار الأمير كونتس كتاباً إلى جميع ســفارات النمســا طالباً بيانات عن مختلف‬
‫جوانب النظم التعليمية في البلاد التي توجد بها هذه الســـفارات‪ ،‬والتي يمكن أن تكون ذات فائدة في تطور‬
‫التعليم في إمبراطورية النمسـا‪ ،‬وفي فرنسـا نجد أن لاشـالولتى المربى الفرنسـي المشـهور يقول قبل الثورة‬

‫قائمة الموضوعات‬  ‫‪22‬‬
   17   18   19   20   21   22   23   24   25   26   27