Page 12 - 777777المنظور السياسي
P. 12
السياسية من جيل إلى آخر؛ مما يجعلها عنصًار مرك ًزّيا ديمومـة الثقافـة السياسـية وعوائدهـا .والثانيـة :التغييـر:
فـي بنـاء الانتمـاء الوطنـي وتماسـك الهويـة الجماعيـة. حيـث ُينظـر إلـى التنشـئة بوصفهـا وسـيلة لتعديـل
أو حتـى اسـتبدال الثقافـة السياسـية ،بمـا يتناسـب مـع
لهذا لا تقتصر وظيفة هذه المؤسسات على غرس الولاء الأهـداف التـي تضعهـا النخـب الحاكمـة لتجـاوز التخلـف
للنظـام أو المجتمـع بشـكل نظـري ،بـل تتعداهـا إلـى إنتـاج
وعـي جمعـي مشـترك ،وإلـى تحصيـن الهويـة الوطنيـة ضـد وتحقيـق التقـدم والتناغـم.
الاخت ارقـات الثقافيـة والفكريـة ،خاصـة فـي ظـل الانفتـاح
الإعلامـي والتدفـق الرقمـي الـذي يفـرض تحديـات علـى ومـن حيـث آليـات التنشـئة يمكـن التمييـز بيـن التنشـئة
بوصفهـا عمليـة تعليـم وتلقيـن ،تنطـوي علـى الإكـ اره
اسـتق ارر الأنظمـة القيميـة للمجتمعـات العربيـة. والجبـر فـي نقـل القيـم السياسـية أو التنشـئة كعمليـة
اكتسـاب تدريجـي حـر ،تقـوم علـى التفاعـل الحـر للفـرد
ولا تقتصـر التنشـئة علـى مرحلـة زمنيـة بعينهـا ،بـل هـي مـع البيئـة السياسـية ،وهـو المعنـى الأكثـر اتسـاًقا مـع
عملية مسـتمرة ومتعددة الأنماط ،تشـمل التنشـئة المباشـرة
مـن خـال المؤسسـات الرسـمية كالتعليـم والإعـام ،وغيـر التشـاركية والمواطنـة الفاعلـة ومـع عصرنـا هـذا.
المباشـرة عبـر التفاعـل اليومـي والتجـارب الحياتيـة .كمـا
تسـهم هـذه العمليـة فـي بنـاء التكيـف السياسـي ،سـواء مـن هنـا يمكـن التأكيـد علـى أن التنشـئة السياسـية
بالتأييـد أو المعارضـة السـلمية ،وتُعـد مؤشـًار علـى تطـور الاجتماعية اليوم تعد آلية مهمة في صياغة اسـت ارتيجية
الوعـي التشـاركي فـي إطـار النظـام المتبـع .وفـي السـياق بنـاء المجتمعـات الحديثـة مـن خـال بنـاء الإنسـان ذاتـه،
المصـري ،تبـرز الحاجـة إلـى تنشـئة سياسـية تدمـج إذ تُسـهم فـي إنتـاج مواطـن قـادر علـى الفهـم والمسـاءلة
المواطـن فـي النسـق الوطنـي دون تهميـش ،خصو ًصـا والمشاركة وهي ليست مجرد وسيلة للضبط الاجتماعي،
مـع التحديـات المتعلقـة بالانتمـاء ،والاندمـاج ،والتعدديـة بل أي ًضا أداة لإعادة تشـكيل الثقافة السياسـية ،بما يخدم
الثقافيـة ،والتقـدم المعرفـي والتكنولوجـي غيـر المسـبوق. أهـداف الاندمـاج الوطنـي والاسـتق ارر الديمق ارطـي .ويظـل
جوهرهـا قائ ًمـا علـى العلاقـة الجدليـة بيـن الفـرد والنظـام،
وفـي إطـار بنـاء دولـة مسـتقرة حديثـة ،تقـوم مؤسسـات
التنشـئة فـي مصـر -بـد ًءا مـن الأسـرة مـروًار بالمدرسـة والثقافـة والسياسـة ،والاسـتم اررية والتغييـر.
وصـوًل إلـى الإعـام الرسـمي وغيـر الرسـمي -بـدور
حيـوي فـي ترسـيخ قيـم المواطنـة ،والتسـامح ،والانخـ ارط التنشـئة السياسـية ودورها في بناء الهوية السياسـية
الإيجابـي فـي الشـأن العـام .كمـا تلعـب هـذه المؤسسـات والمواطنة:
دوًار وقائًّيا في تحصين المجتمع من الخطابات المتطرفة
أو الهدامـة ،التـي قـد تهـدد وحـدة الدولـة وتماسـكها .مـن تُعـد أحـد المفاتيـح الأساسـية لفهـم كيـف تتشـكل الهويـة
هنـا ،فـإن تطويـر سياسـات تنشـئة سياسـية فـي مصـر السياسـية للفـرد داخـل المجتمـع ،وكيـف ُيبنـى إحساسـه
يسـتوجب تكامـل الأدوار بيـن مؤسسـات التعليـم والإعـام بالمواطنـة ،ومـن أهـم الأدوات الاسـت ارتيجية فـي بنـاء
ومنظمـات المجتمـع المدنـي ،بمـا يخلـق وعًيـا سياسـًّيا الإنسـان المواطـن .فهـي لا تنقـل فقـط الِقَيـم والمعـارف،
جمعًّيـا متناغ ًمـا مـع أهـداف التنميـة الوطنيـة ،ويضمـن بـل تُنتـج مواطًنـا يحمـل إد ار ًكا سياسـًّيا متماسـًكا ،ويؤمـن
بمسـئوليته تجـاه الدولـة والمجتمـع ،وتُشـِّكل التنشـئة
مشـاركة واسـعة وفعالـة فـي الحيـاة السياسـية. السياسـية المسـار الحيـوي الـذي تمـّر عبـره الثقافـة
12

