Page 63 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 63

‫حين قال‪" :‬شدوان! منفي وبندقيتي وطن‪ .‬فاحفر على أرض الجزيرة‬              ‫وكانت الكلمة دائما هي سلاح الاحتجاج من شاعر لا يملك سواها‪،‬‬
‫بيت أمك‪ ..‬واحتمل ضرب الغزاة"‪" ،‬اثبت على الأرض التي منحتك‬               ‫وسوى إيمانه بأن الكلمة قد تؤدي‪ ،‬وجوديا‪ ،‬إلى أن تواجه العبث بكل ما‬
‫مملكة‪ ،‬وجرب اللفظ النبيل قل "لا" هنا‪ ،‬لتقولها في كل مملكة سواها‪.‬‬
                                                                                               ‫يمنح الوجود معناه‪ ،‬وذلك بالفعل الخلاق فيه ‪..‬‬
                           ‫لتقولها يوم الحساب‪ ،‬إذا أتى يوم الحساب"‪.‬‬    ‫أما أمل دنقل (‪ )1983- 1940‬الذي نشر معظم قصائده التي كتبها‬
‫وفي القصيدة التي حمل الديوان اسمها‪ ،‬والتي كتبها في سبتمبر‬              ‫خلال الستينيات في ديوانه الثاني "البكاء بين يدي زرقاء اليمامة"‪ ،‬فقد‬
‫‪ 1971‬في الذكرى الأولى لوفاة عبد الناصر‪ ،‬بدا كأن الشاعر كفر بكل‬         ‫نشر فيه قصيدته الخطيرة التي حمل الديوان عنوانها‪ ،‬وذيلها بتاريخ‬
‫ما آمن به‪ ،‬ولم يبق له إلا فراق وطنه‪"..‬لأن زمن الغزوات مضى‪،‬‬             ‫كتابته لها (‪ 13‬يونيو‪ )1967‬عندما تكشفت له أبعاد الهزيمة‪ ،‬وراح‬
‫والرفاق ذهبوا‪ ،‬ورجعنا يتامى‪ ."..‬ويقول للرئيس‪" :‬إنني قد تبعتك من‬        ‫يسأل زرقاء اليمامة‪ ،‬تلك "العرافة المقدسة" التي نبهت قومها يوما بقدوم‬
‫أول الحلم‪ ،‬من أول اليأس حتى نهايته‪ ،‬ووفيت الذماما‪ .‬ترى من يحمل‬         ‫الأعداء؛ فسخروا منها واتهموا عينيها بالبوار‪ ،‬وجعل يستجديها نبوءة‬
‫عبء الهزيمة‪ :‬أهو المغني الذي طاف يبحث للحلم عن جسد يرتديه‪ .‬أم‬          ‫جديدة‪ ،‬وهو قادم في "معاطف القتلى يسير فوق الجثث المكدسة‪ ..‬دون‬
‫هو الملك الَّمدعى أن حلم المغني تجسد فيه‪ ...‬هل خدعنا بسراب الزمن‬       ‫أن يقتل نفسه ودون أن ينهار"‪ ،‬ثم يحدثها بلسان الشعب "قيل لي‬
                                                                       ‫اخرس‪ ،‬فخرست‪ ..‬وعميت‪ ..‬وائتممت بالخصيان!"‪ ،‬وأنه ظل في عبيد‬
                                                         ‫الجميل؟!"‪.‬‬    ‫بني عبس يحرس القطعان‪ ،‬وينام في حظائر النسيان‪ ،‬طعامه كسرة خبز‬
‫وفي ديوانه "كائنات مملكة الليل" الذي صدرت طبعته الأولى عام‬             ‫وتمرات يابسة‪ ،‬ثم يدعى إلى الحرب والموت "ساعة أن تخاذل الكماة‬
‫‪ ،1978‬نشر فيه حجازي‪ ،‬ثلاث أغنيات للمقاومة‪ ،‬كتبها في أكتوبر‬             ‫والرماة والفرسان الذين حين فوجئوا بحد السيف‪ :‬قايضوا بنا والتمسوا‬
‫‪ ،1973‬أولها عنوانها "الحديد والجسد" سجل فيها أن الحروب الجديدة‬
‫عمادها قوة العلم والآلة " إنه العصر‪ .‬هذا الحديد الذي يتطاير ملتهبا في‬                                                             ‫الفرار!"‪.‬‬
‫الهواء الذي يحمل ريش اليمام وخضرة ضوء القمر إنه العصر‪ .‬هذا‬             ‫وفي الذكرى الأولى للهزيمة (في يونيو ‪ )1968‬كتب أمل قصيدته "من‬
‫الحديد وهذا الشرر‪ .‬فاحتضنه ودع جسمه يخترق لحمك الحي يا وطني‬            ‫مذكرات المتنبي في مصر" التي قال فيها "عيد بأي حال عدت يا عيد‪..‬‬
‫المتخلف! كي تتحضر"‪ .‬والقصيدة الثانية بعنوان "علم القنطرة شرق"‪،‬‬         ‫بما مضى أم لأرض فيك تهويد؟ نامت نواطير مصر عن عساكرها‪..‬‬
‫"وهو أول علم رفع على أرضنا المحتلة‪ ،‬وهي تتحرر‪ ،‬والذي يخاطبه‬
‫الشاعر" كل راياتنا قطع من قماش وأنت العلم‪ ..‬واصطفى المجد أجمل‬                                                 ‫وحاربت بدلا منها الأناشيد!"‪.‬‬
‫أبناء الوطن واهبا لك أرواحهم يا علم‪" ،" ..‬قل لنا يا علم‪ :‬افتدوني!‬      ‫وفي ديوانه "تعليق على ما حدث" كتب قصيدته "الحداد يليق بقطر‬
‫نجبك نعم ونجبك نعم!" (أما القصيدة الثالثة؛ فقد كانت عن دمشق التي‬       ‫الندى"(‪ )1969‬التي يهتف فيها أمل دنقل بأن الأميرة لا تزال أسيرة‬
                                                                       ‫تنتظر تحريرها "قطر الندى يا ليل‪ ..‬تسقط تحت الخيل‪ ..‬قطر الندى يا‬
                                          ‫خرجت تقاتل التتر الجدد)‪.‬‬     ‫مصر‪ ..‬قطر الندى في الأسر" ويتساءل‪" :‬فمن يا ترى ينقذ هذه الأميرة‬
                                                       ‫أهم المراجع‪:‬‬
                                                                                         ‫المغلولة؟ من يا ترى ينقذها بالسيف‪...‬أو بالحيلة ؟!"‪.‬‬
‫أحمد عبد المعطي حجازي‪ :‬الأعمال الكاملة‪ ،‬دار سعاد الصباح‪،‬‬               ‫وفي نفس هذا الديوان يرصد أمل كيف تدار حرب الاستنزاف‪،‬‬
                                      ‫القاهرة والكويت ‪.1993‬‬            ‫والناس يبكون عبد الناصر فيقول لمصر "لا وقت للبكاء‪ ..‬فالعلم الذي‬
                                                                       ‫تنكسينه على سرادق العزاء‪ ..‬منكس في الشاطئ الآخر والأبناء‬
   ‫السيد نجم‪ :‬أدب الحرب‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪.1995‬‬            ‫يستشهدون كي يقيموه على تبة‪ ..‬خيطا من الحب‪ ..‬وخيطين من‬
    ‫أمل دنقل‪ :‬الأعمال الكاملة‪ ،‬طبعة دار الشروق الأولى ‪.2010‬‬            ‫الدماء‪ ...‬تبكين؟ وأنت طول العمر تبقين وتنجبين مقاتلين فمقاتلين‪ ..‬في‬
‫جابر عصفور‪ :‬رؤيا حكيم محزون‪ ،‬قراءة في شعر صلاح عبد‬
                                                                                                                                   ‫الحلبة"‪.‬‬
                 ‫الصبور‪ ،‬الهيئة المصرية العامة للكتاب ‪.2017‬‬            ‫ويستأنف أمل دعوة مصر إلى القتال‪ ،‬فليس أمامها سواه‪ ،‬ففي ديوانه‬
‫صلاح عبد الصبور‪ :‬دواوينه الستة طبعة الهيئة المصرية العامة‬              ‫"العهد الآتي" الذي كتب قصائده بين عامي ‪ 1972‬و‪ 1975‬جعل‬
‫للكتاب‪ .2015 ،‬ومسرحياته الخمس‪ ،‬طبعة الهيئة المصرية العامة‬              ‫يصيح بـ "الواقفين على حافة المذبحة‪ :‬أشهروا الأسلحة‪ ..‬المنازل‬
                                                                       ‫أضرحة‪ ..‬والزنازين أضرحة‪ ..‬والمدى أضرحة‪ ..‬فارفعوا الأسلحة!‬
                                                ‫للكتاب ‪.2017‬‬
‫غالي شكري‪ :‬اعترافات الزمن الخائب‪ ،‬الطبعة الأولى‪ ،‬بيروت‬                                                                    ‫ارفعوا الأسلحة"‪.‬‬
                                                                       ‫وفي ديوانه "أقوال جديدة عن حرب البسوس" الذي ضم قصيدتين كتبتا‬
                                                      ‫‪.1980‬‬            ‫بين عامي ‪ 1976‬و‪ ،1977‬نشربه قصيدته الشهيرة "لا تصالح" التي‬
‫العنقاء الجديدة‪ ،‬صراع الأجيال في الأدب المعاصر‪ ،‬طبعة هيئة‬              ‫كتبها في نوفمبر ‪ 1976‬وعبر فيها عن رفضه الصلح مع الأعداء‪،‬‬
                                                                       ‫مستوحيا القصة التراثية الشهيرة‪ ،‬وقدم فيها وصاياه العشر‪ ،‬التي بدأت‬
                                                ‫الكتاب ‪1993‬‬            ‫بصيحته "لا تصالح ولو منحوك الذهب" وانتهت بالمقطع العاشر" لا‬
‫من الأرشيف السري للثقافة المصرية‪ ،‬طبعة مكتبة الأسرة‪ ،‬القاهرة‬           ‫تصالح فليس سوى أن تريد‪ ..‬أنت فارس هذا الزمان وسواك المسوخ‪..‬‬
                                                                       ‫لا تصالح لا تصالح"‪ ،‬وهي وصايا كليب والرمح مغروس في ظهره‪،‬‬
                                                      ‫‪.1915‬‬
‫مارينا ستاغ‪ :‬حدود حرية التعبير في مصر‪ ،‬تجربة كتاب القصة‬                               ‫والتي كتبها بدمه لأخيه الزير سالم (المهلهل بن ربيعة)‪.‬‬
‫والرواية في مصر في عهدي عبد الناصر والسادات‪ ،‬ترجمة‬                     ‫أما الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي (‪ ،) - 1935‬فقد سجل‬
                                                                       ‫بسالة وانتصار الجنود المصريين في دفاعهم عن جزيرة "شدوان" في‬
                   ‫طلعت الشايب‪ ،‬دار شرقيات‪ ،‬القاهرة ‪.1995‬‬              ‫البحر الأحمر والحفاظ عليها محررة من العدو الصهيوني خلال حرب‬
‫محمود أمين العالم‪ :‬أربعون عاما من النقد التطبيقي‪ ،‬البنية والدلالة في‬   ‫الاستنزاف‪ ،‬وذلك في قصيدته الرائعة "البحر والبركان" التي نشرها في‬
‫القصة والرواية العربية المعاصرة‪ ،‬دار المستقبل العربي‪ ،‬القاهرة‬
                                                                                                   ‫ديوانه "مرثية للعمر الجميل" عام ‪1969‬‬
                                                            ‫‪.1994‬‬

 ‫‪59‬‬
   58   59   60   61   62   63   64   65   66   67   68