Page 60 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 60
وفي عام 1972ألف كتابا جديدًا عنوانه "ذكريات الجيل الضائع" وهناك من قدم رؤية دينية يمينية لتفسير الهزيمة وأسلوب مقاومتها،
ركز فيه على الصراع بين اليمين واليسار في الثقافة المصرية .وفي وهناك من قدم رؤية اجتماعية تقدمية لتفسيرها وأسلوب تجاوزها
نفس العام أيضا أصدر كتابًا جديدًا تحت عنوان "ثقافتنا بين نعم ولا" وتحرير الإنسان والوطن والأرض ...لقد كانت هناك نظرة عبثية
وفي العام التالي ( )1973شرع يعيد النظر في التراث على ضوء للثقافة والفكر في البداية ،لكنها ما لبثت أن انقشعت ليحل محلها
الواقع فأصدر كتابه "التراث والثورة" الذي اقترح فيه منهجًا الدور والمسؤولية وإعادة التقييم وتقديم رؤى للخلاص من الهزيمة
معاصرا لإعادة النظر في التراث ،وقدم رؤية جديدة لقضية الأصالة
ووطأتها.
والتجديد في الثقافة العربية المعاصرة. وعلى الرغم من أن الشعر كان أكثر الأصداء لهزيمة يونيو
وعن أدب الحرب كتب غالي شكري فصلا مهما في كتابه 1967ضجيجا ،فإن الرواية كانت أكثر الفنون استيعاًبا وأقدرها
"اعترافات الزمن الخائب" ،والذي ضم مجموعة دراسات كتبها بين على تمثل المأساة ،لقد نجت الرواية إلى حد كبير من المأزق التقليدي
عامي 1970و 1979طرح فيه سؤاًال يتصل بموضوعنا اتصاًال الذي يحاصر الكاتب غالبًا ،وهو يقدم عمله عن "مناسبة" أو "حدث
وثيقًا ،كان نصه "ماذا يستطيع الأديب أو الفنان أن يفعل" في زمن سياسي" لقد كانت رؤيا الهزيمة هي المناخ الفني السائد على أبناء
الحرب؟ ورأى أن ذلك سؤال يؤرق كل من لا يملك سوى القلم أو الأجيال الجديدة من قبل أن تقع الهزيمة في يونيو ،هذه الرؤيا التي
الفرشاة أو النوتة الموسيقية ،وأكد على أن القلم أصبح كالبندقية ،ذلك لونت أعمالهم الشابة طيلة الستينيات بالقتامة والسواد ،وضمنت خير
أن الحروب في كل بلاد الدنيا حسمت هذه القضية ،وصار الأديب تجسيداتها في الرموز المثقلة بالمعاني ،والتجريد الذي يشف عنها...
المقاتل لا يختلف موقعه عن الجندي شاهر السلاح ،بل إن الأمر في وكانت هذه الرؤيا هي عماد التجريب والتجديد الذي عرفته القصة
بلادنا ربما يحتاج إلى مزيد من التركيز على دور الكلمة واللون
القصيرة والرواية في أدبنا الحديث طيلة الستينيات.
والنغمة في تربية وجدان الجماهير تربية ثورية. لقد ظلت الرواية بعد 1967تفتش بين الحين والآخر بين الأنقاض
وهكذا يبدو أن دور الأديب والفنان في زمن الحرب بالغ الأهمية عن حقائق الماضي ،وتتوقف طويًال على أرض الحاضر الخراب،
والضرورة ،ولعله من أكثر الأدوار خطورة في جدول الحروب ،ذلك
أن الوجدان العربي المهزوم في يونيو 1967كان يحتاج أكثر من وتحاول أن تكتشف آفاق المستقبل.
أي وقت مضى إلى الاغتسال والتطهر من الأدوات التي أفضت إلى ويعد "غالى شكري" من أفضل من كتب عن الثورة والثقافة
الهزيمة ،وقد أكد "غالي" على ضرورة الاعتراف بأن قطاعًا والمثقفين خلال الفترة من 1967إلى ،1973وقد أصدر ما كتبه
عريضًا من الأدب المصري الحديث في مصر وغيرها كان قد بلغ به خلال هذه الفترة في عدة كتب بدأها بمراجعة موقف ثورة يوليو من
اليأس حدًا من البشاعة يكرس حالة "اللامبالاة" التي تلد بالضرورة الأدب الحديث في كتابه "ماذا أضافوا إلى ضمير العصر" الذي نشره
حالة الاستسلام ،وعلى الرغم من أنه لا يدين أصحاب هذا الجانب عام ،1967ثم أتبعه بكتابه المهم "أدب المقاومة" الذي قدم فيه
المظلم من الأدب؛ لأن أصحابه ربما كانوا صادقين مع أنفسهم ،فإنه تجارب المقاومة لدى الشعوب معتمًدا على دراسات نقدية للأدب،
يؤكد أن قطاعًا آخر من أدبائنا استطاعوا أن يروا ما لا يرى تحت وصدر عام ،1970ثم أتبعه في نفس العام بمجموعة دراسات عن
الستائر الثقيلة المعتمة ،وأن هؤلاء أسهموا بأدبهم في تغذية الأمل الثقافة المصرية ،شخص فيها كيف وصلت إلى هذه الحالة وذلك في
الخافت في الصدر بأن اليوم السادس من يوم يونيو لا يمكن أن يكون كتابه المهم "مذكرات ثقافة تحتضر" فقدم في هذا الكتاب مراجعات
دالة عن حرية الفكر من الحلم الليبرالي إلى نظرية الثورة ،كما تابع
نهاية أمة ... تطور الفكر النقدي العربي ،وقدم مراجعات نقدية لكتابات توفيق
الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وإحسان عبد القدوس وفتحي
غانم ويوسف السباعي ،وقدم دراسة مهمة تحت عنوان "عبد الناصر
والمثقفون".
56

