Page 59 - مجلة فرحة مصر بعد النصر
P. 59
ولعل بوسعنا ألا أن نحلق بإشارات وعلامات عما بزر ونشر بشكل أ.د أحمد زكريا الشلق
خاص خلال عام 1973وما أعقبه من سنوات قليلة حول ما يمكن
أن نرى أنه نتاج لمناخ الحرب وتأثير تداعياته ...كما أننا لا نستطيع الأدب المصري وحرب أكتوبر 1973
أن نتحدث عن هذه الأعمال وأصحابها دون ربطها بما أنتجوه
وأبدعوه في زمن هزيمة يونيو 1967وحرب الاستنزاف ،التي ظلت يرى نقاد الأدب أن مصطلح "أدب الحرب" مصطلح يلتبس مع
تلقى بظلالها على سنوات أكتوبر وأعقابها ...وقد نضيف إلى ذلك أن مصطلحات أخرى مثل الأدب السياسي والأدب التاريخي وأدب
هذه الأعمال الإبداعية لا تشكل استجابات خاصة من جانب هذه المقاومة أو أدب المعركة ،وأنه شاع استخدامه بعد هزيمة 1976
الأديب أو ذاك ،دون ربط ذلك بالمناخ العام لطبيعة الثقافة والفكر وتداخل معه أدب أكتوبر بطبيعة الحال ..وهو عموما الأدب الذي
يعيش فيه الأديب حالة الحرب ،ويعبر عن تجربتها الخاصة والعامة،
والنشر بشكل عام. ويرصد حياة شخصياته اليومية خلال زمنها ..وقد يلجأ الأديب إلى
ولذلك يبدو مهما أن نلقي نظرة عجلى على الفترة التاريخية من
يونيو 1967حتى أكتوبر ،1973ونحن نتذكر الأوضاع الثقافية التوثيق والتسجيل ،الأمر الذي يجعل بعضه أدبا وثائقيا أو تسجيليا.
والفكرية خلال هذه الفترة التي شهدت ما يسميه البعض "أدب وغالبا ما يسجل أدب الحرب أعمالا على جانب كبير من
الهزيمة" الذي ما لبث أن تحول إلى أدب المقاومة وثقافة المقاومة... الأهمية كتبت بعد جلاء الحقائق ،فيعبر عنها الأديب في سياق أعماله
وربما كان من الصعب التأريخ للتيارات الفكرية في فترة محدودة بعد أن مر بتجربة الاستجابة العفوية ،ثم حالة الوعي بأنه عايش،
كهذه ،لكن ليس من الصعب إلقاء إضاءات عنها ورصد حركة الثقافة وربما حارب وعرف وكتب أدًبا نابًعا من تجربة الحرب ومعايشتها.
في الفنون المختلفة وفي الأدب بأجناسه وتجلياته ...والأدب دائما وقد ينطلق هذا الأدب من منطلقين :أحدهما اللحظة الآنية غداة
انطلاق الحرب ،وثانيهما اللحظة المستدعاة ،وفيها يستدعي الأديب
مرآة عصره. الماضي ويبعث فيه نوعا من الحياة والخلود ..كما يذكر "السيد نجم
وثمة ملاحظات عامة تتعلق بأدب الهزيمة فيها ما يتعلق بمحاولة
الكشف عن أسبابها ،ليس العسكرية فقط ،وإنما الأسباب الاجتماعية في كتابه عن أدب الحرب".
الاقتصادية والفكرية بشكل عام ...ومن هنا كان السؤال :كيف وصلنا ومن المهم أن نوضح أن التأريخ للأدب وإبداعاته في فترة حرب
إلى هذه الحالة؟ وفي هذا الصدد تبرز كتابات المبدعين والنقاد.. أكتوبر 1973وما أعقبها أمر يحتاج إلى دراسة أوسع وأعمق من
ومنهم من يذكر بأنه نبه إليها في كتاباته ،وكان يراها من بعيد بعيني مجرد فصل في كتاب ،ذلك أن أدباءنا تنوعت كتاباتهم بين أعمال
زرقاء اليمامة ،ومنهم من لجأ إلى الرمز لينبه ويشير وينذر ،ومنهم روائية وقصصية ،وكتابات مسرحية ،وإبداعات شعرية ،سواء باللغة
أيًضا من راح ينبش في التراث وصلته بالعلم والعصر ،وإلى أي الفصحى أو العامية ،وفي ظني أن مصطلح "أدب الحرب" ينطوي
مدى تحول إلى عبء أو حافز؛ لأن الهزائم لا تنبت فجأة ،وإنما هناك كذلك على معان مراوغة لارتباطه بقضية الإبداع الذي ليس
عوامل تنخر ببطء في جسد المجتمع حتى يصل إلى تلك الحالة من بالضرورة أن يكون استجابة سريعة أو مباشرة للأحداث ،فالأديب
يختزن الوقائع والأحداث في وعيه وذاكرته ،ولكن استجابته الإبداعية
الضعف والهزال تنتهي بالهزيمة. لها وعنها ترتبط به شخصًيا وفي اللحظة التي يلهمه إحساسه بها ،كما
ولعل من السمات البارزة في هذه الفترة أيضا المتصلة برؤية أن فنون الأدب المختلفة لا تتجاوب مع الأحداث بدرجة واحدة وفي
المقاومة والنضال لتحرير الوطن داخلًيا مع تحرير الأرض السليبة...
سمة الخلاف بين اليمين واليسار ...فقد انقسم المثقفون من كتاب زمن واحد من الإبداع.
وفنانين إلى فريقين ،بينهما درجات من ألوان الطيف الفكري وربما يكون الشعر أكثرها وأسرعها استجابة من فنون الأدب
والسياسي؛ كل يحاول التأثير في الأغلبية الصامتة التي أسلمت الأخرى ..أو أن القصة القصيرة تكون أسرع من الرواية وهكذا...
قيادتها للزعيم ...لكن الطابع الغالب كان صراًعا ضارًيا شهدته فالإبداع الأدبي يختلف في الاستجابة والمواكبة للأحداث عن الكتابات
السياسية والصحفية كما نعرف ...لذلك لا نستطيع أن نحدد فترة
الثقافة المصرية خلال هذه الفترة. زمنية معينة لنتابع فيها إبداعات أدبائنا وكتابنا المتعلقة بأدب حرب
55 أكتوبر.

