Page 99 - مائة من عظماء أمة الإسلام غيروا مجرى التاريخ
P. 99

‫‪ ،00‬نحلإ ‪! 14‬لإد التا اين! ‪9 9‬‬

     ‫وقذف اللّه في قلبه الإيمان وقال لنفسه ‪ :‬إذا كان الذي ينجيني في البحر هو اللّه وحده ‪ ،‬فلا‬
    ‫بد إذًا أنه هو وحده الذي ينجيني في البر ! اللهم إن لك علي عهدًا إن عافيتني مما أنا فيه‬

     ‫أن آتي محمدًا حتى أضع يدي في يده ‪ ،‬وعندها هدأت الريح وسكن البحر‪ ،‬فرجع عكرمة‬
   ‫إلى مكة ‪ ،‬فلما رأى نبي الرحمة ابن أبي جهل ألدِّ أعدائه قادمًا نحوه وثب من غير رداء‬

     ‫فرحًا به وقال ‪ :‬مرحبًا بالراكب المهاجر‪ .‬فتحول قلب عكرمة بن أبي جهل من قلب رجلٍ‬
  ‫مبغض حقود للإسلام والمسلمين إلى قلب رجلٍ لا يحب في الدنيا أكثر من هذا الدين‬
  ‫الذي لطالما حاربه ‪ ،‬فقرر عكرمة أن يتحول إلى جندي ينشر هذا الدين الذي لطالما‬
   ‫حاربه ‪ ،‬فلم يترك عكرمة بن أبي جهل بعد إسلامه غزوة مع رسول اللّه إلا وسارك فيها‪،‬‬

     ‫وفي عهد أبي بكر أصبح عكرمة قائدًا لجيمش من جيوش الإسلام العظيمة التي حاربت‬

                                         ‫الردة ‪ ،‬قبل أن يتحول إلى قائد عظيم من قادة المسلمين في بلاد الشام ‪.‬‬

  ‫ثم جاءت المعركة التي خلدت اسمه في حروف من نور‪ ،‬هناك في وادي اليرموك‬

‫عندما أوسك نصف مليون من الروم على تدمير جيش المسلمين بعد أن قاموا‬

   ‫بمحاصرتهم من كل جانب ‪ ،‬تناول هذا البطل الإسلامي الفذ سيفه وكسر غمده واتخذ‬
    ‫القرار الأصعب على الإطلاق في حياة أي إنسان ‪ ،‬لقد اتخذ عكرمة قرار الموت ‪ ،‬فنادى‬
  ‫بالمسلمين بصوت يشبه هزيم الرعد ‪ :‬أيها المسلمون من يبايع على الموت ؟ فتقدم إليه‬
     ‫‪ 04)1‬فدائي من فدائي الإسلام ‪ ،‬ليكوَّنوا ما عرف في التاريخ باسم "كتيبة الموت‬
  ‫الإسلامية "‪ ،‬عندها اتجه خالد بن الوليد نحو عكرمة وحاول منعه من التضحية بنفسه‪،‬‬

      ‫فنظر إليه عكرمة والنور يشرق من جبينه وقال ‪ :‬إليك عني يا خالد فلقد كان لك مع رسول‬
    ‫اللّه سابقة أما أنا وأبي فقد كنا من أسد الناس على رسول اللّه فدعني اكَفّر عما سلف مني‪،‬‬

            ‫ولقد قاتلت رسول الله في مواطن كثيرة وأفر من الروم اليوم ؟ ! ! إن هذا لن يكون أبدًا!‬
    ‫لمحانطلقت كتيبة الموت الإسلامية ‪ ،‬وتفاجأ الروم بأسود جارحة تنقض عليهم لتدكدك‬

   ‫جماجمهـم ‪ ،‬وتقدم الفدائي تلو الفدائي من وحدة الموت العكرمية نحو مئات الاَلاف من‬
‫جيش الإمبراطورية الرومانية ‪ ،‬وتقدم عكرمة بن أبي جهل بنفسه إلى قلب الجيش الروماني‬

  ‫ليكسر الحصار عن جيش المسلمين ‪ ،‬واستطاع فعلًا إحداث ثغرة في جيش العدو بعد أن‬
   ‫انقض على صفوفهم انقضاض طالب الموت ‪ ،‬فأمر قائد الروم أن تصوب كل السهام نحو‬
   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103   104