Page 117 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 117
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
انما تعني أنه كان واحدا من الذين ظفروا بھذه الثقة الغالية ،وھذا التقدير الكريم..
ثم كان الواحد أو الوحيد الذي تسمح ظروف العمل والدعوة يومئذ بغيابه عن المدينة ،وخروجه في تلك
المھمة التي تھيئه مزاياه لانجازھا..
وكما عاش أبو عبيدة مع الرسول صلى ﷲ عليه وسلم أمينا ،عاش بعد وفاة الرسول أمينا ..بحمل
مسؤولياته في أمانة تكفي أھل الأرض لو اغترفوا منھا جميعا..
ولقد سار تحت راية الاسلام أنذى سارت ،جنديّا ،كأنه بفضله وباقدامه الأمير ..وأميرا ،كأن بتواضعه
وباخلاصه واحدا من عامة المقاتلين..
وعندما كان خالد بن الوليد ..يقود جيوش الاسلام في احدى المعارك الفاصلة الكبرى ..واستھل أمير
المؤمنين عمر عھده بتولية أبي عبيدة مكان خالد..
لم يكد أبا عبيدة يستقبل مبعوث عمر بھذا الأمر الجديد ،حتى استكتمه الخبر ،وكتمه ھو في نفسه طاويا
عليه صدر زاھد ،فطن ،أمين ..حتى أت ّم القائد خالد فتحه العظيم..
وآنئذ ،تق ّدم اليه في أدب جليل بكتاب أمير المؤمنين!!
ويسأله خالد:
" يرحمك ﷲ يا أبا عبيدة.ز ما منعك أن تخبرني حين جاءك الكتاب"..؟؟
فيجيبه أمين الأمة:
" اني كرھت أن أكسر عليك حربك ،وما سلطان الدنيا نريد ،ولا للدنيا نعمل ،كلنا في ﷲ اخوة"!!!.
**
ويصبح أبا عبيدة أمير الأمراء في الشام ،ويصير تحت امرته أكثر جيوش الاسلام طولا وعرضا ..عتادا
وعددا..
فما كنت تحسبه حين تراه الا واحدا من المقاتلين ..وفردا عاديا من المسلمين..
وحين ترامى الى سمعه أحاديث أھل الشام عنه ،وانبھارھم بأمير الأمراء ھذا ..جمعھم وقام فيھم خطيبا..
فانظروا ماذا قال للذين رآھم يفتنون بقوته ،وعظمته ،وأ/انته..
" يا أيھا الناس..
اني مسلم من قريش..
وما منكم من أحد ،أحمر ،ولا أسود ،يفضلني بتقوى الا وددت أني في اھابه"ّ..
حيّاك ﷲ يا أبا عبيدة..
وحيّا ﷲ دينا أنجبك ورسولا علمك..
مسلم من قريش ،لا أقل ولا أكثر.
الدين :الاسلام..
والقبيلة :قريش.
ھذه لا غير ھويته..
أما ھو كأمير الأمراء ،وقائد لأكثر جيوش الاسلام عددا ،وأش ّدھا بأسا ،وأعظمھا فوزا..
117