Page 120 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 120

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

  ‫في الحبشة اذن عاش المھاجرون آمنين مطمئنين‪ ..‬وعاش معھم عثمان بن مظعون الذي لم ينس في‬
‫غربته مكايد ابن ع ّمه أمية بن خلف‪ ،‬وما ألحقه به وبغيره من أذى وض ّر‪ ،‬فراح يتسلى بھجائه ويتوعده‪:‬‬

                                                                        ‫تريش نبالا لا يواتيك ريشھا‬
                                                 ‫وتبري نبالا‪ ،‬ريشھا لك أجمع‬

                                                                         ‫وحاربت أقواما مراما أعزة‬
                                                 ‫وأھلكت أقواما بھم كنت تزغ‬

                                                                          ‫ستعلم ان نابتك يوما مل ّمة‬
                                               ‫وأسلمك الأوباش ما كنت تصنع‬

                                               ‫**‬

      ‫وبينما المھاجرون في دار ھجرتھم يعبدون ﷲ‪ ،‬ويتدارسون ما معھم من القرآن‪ ،‬ويحملون برغم‬
  ‫الغربة توھج روح منقطع النظير‪ ..‬اذ الأنباء تواتيھم أن قريش أسلمت‪ ،‬وسجدت عم الرسول الواحد‬

                                                                                           ‫القھار‪..‬‬
                  ‫ھنالك حمل النھاجرون أمتعتھم وطاروا الى مكة تسبقھم أشواقھم‪ ،‬ويحدوھم حنينھم‪..‬‬
           ‫بيد أنھم ما كادوا يقتربون من مشارفھا حتى تبيّنوا كذب الخبر الذي بلغھم عن اسلام قريش‪..‬‬
    ‫وساعتئذ سقط في أيديھم‪ ،‬ورأوا أنھم قد عجلوا‪ ..‬ولكن أنّى يذھبون وھذه مكة على مرمى البصر‪!!..‬‬
‫وقد سمع مشركو مكة بمقدم الصيد الذي طالما ردوه ونصبوا شباكھم لاقتناصه‪ ..‬ثم ھا ھو ذا الآن‪ ،‬تحيّن‬

                                                                      ‫فرصته‪ ،‬وتأتي به مقاديره‪!!..‬‬

  ‫كان الج ّوار يومئذ تقليدا من تقاليد العرب ذات القداسة والاجلال‪ ،‬فاذا دخل رجل مستضعف جوار سيّد‬
                                 ‫قرشي‪ ،‬أصبح في حمى منيع لا يھدر له دم‪ ،‬ولا يضطرب منه مأمن‪...‬‬
                                               ‫ولم يكن العائدون سواء في القدرة على الظفر بجوار‪..‬‬

‫من أجل ذلك ظفر بالجوار منھم قلة‪ ،‬كان من بين أفرادھا عثمان بن مظعون الذي دخل في جوار الوليد بم‬
                                                                                          ‫المغيرة‪.‬‬

           ‫وھكذا دخل مكة آمنا مطمئنا‪ ،‬ومضى يعبر درزبھا‪ ،‬ويشھد ندواتھا‪ ،‬لا يسام خسفا ولا ضيما‪.‬‬

                                               ‫**‬

    ‫ولكن ابن مظعون‪ ..‬الرجل الذي يصقله القرآن‪ ،‬ويربيه محمد صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬يتلفت حواليه‪،‬‬
  ‫فيرى اخوانه المسلمين من الفقراء والمستضعفين‪ ،‬الين لم يجدوا لھم جوارا ولا مجيرا‪ ..‬يراھم والأذى‬

    ‫ينوشھم من كل جانب‪ ..‬والبغي يطاردھم في كل سبيل‪ ..‬بينما ھو آمن في سربه‪ ،‬بعيد من أذى قومه‪،‬‬
 ‫فيثور روحه الحر‪ ،‬ويجيش وجدانه النبيل‪ ،‬ويتفوق بنفسه على نفسه‪ ،‬ويخرج من داره مصمما على أن‬
 ‫يخلع جوار الوليد‪ ،‬وأن ينصو عن كاھله تلك الحماية التي حرمته لذة تحمل الأذى في سبيل ﷲ‪ ،‬وشرف‬

                                                               ‫‪120‬‬
   115   116   117   118   119   120   121   122   123   124   125