Page 124 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 124
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فمن ھو زيد بن حارثة"..؟؟
من ھذا الذي حمل دون سواه لقب الح ّب ..ح ّب رسول ﷲ..؟
أما مظھره وشكله ،فكان كما وصفه المؤرخون والرواة:
" قصير ،آدم ،أي أسمر ،شديد الأدمة ،في أنفه فطس"..
أ ّما نبؤه ،فعظيم ج ّد عظيم!!..
**
أع ّد حارثة أبو زيد الراحلة والمتاع لزوجته سعدى التي كانت تزمع زيارة أھلھا في بني معن.
وخرج يودع زوجته التي كانت تحمل بين يديھا طفلھما الصغير زيد بن حارثة ،وكلما ھ ّم أن يستودعھما
القافلة التي خرجت الزوجة في صحبتھا ويعود ھو الى داره وعمله ،ودفعه حنان خف ّي وعجيب لمواصلة
السير مع زوجته وولده..
لك ّن الشقّة بعدت ،والقافلة أغ ّذت سيرھا ،وآن لحارثة أن يو ّدع الوليد وأ ّمه ،ويعود..
وكذا و ّدعھما ودموعه تسيل ..ووقف طويلا مسمرا في مكانه حتى غابا عن بصره ،وأح ّس كأن قلبه لم
يعد في مكانه ..كأنه رحل مع الراحلين!!..
**
ومكثت سعدى في قومھا ما شاء ﷲ لھا أن تمكث..
وذات يوم فوجئ الح ّي ،حي بني معن ،باحدى القبائل المناوئة له تغير عليه ،وتنزل الھزيمة ببني معن،
ثم تحمل فيما حملت من الأسرى ذلك الطفل اليفع ،زيد بن حارثة..
وعادت الأم الى زوجھا وحيدة.
ولم يكد حارثة يعرف النبأ حتى خ ّر صعقا ،وحمل عصاه على كاھله ،ومضى يجوب الديار ،ويقطع
الصحارى ،ويسائل القبائل والقوافل عن ولده وحبّة قلبه زيد ،مسايّا نفسه ،وحاديا ناقته بھذا الشعر الذي
راح ينشده من بديھته ومن مآقيه:
بكيت على زيد ولم ادر ما فعل
أح ّي فثرجى؟ أم أتى دونه الأجل
فوﷲ ما أدري ،واني لسائل
أغالك بعدي السھل؟ أم غالك الجبل
تذكرينه الشمس عنج طلوعھا
وتعرض ذكراه اذا غربع\ھا أفل
وان ھبّت الأرواح ھيّجن ذكره
فيا طول حزني عليه ،ويا وجل
124