Page 129 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 129

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

                                                      ‫ولكن متى كانت معارك الايمان معارك كثرة‪..‬؟؟‬
 ‫ھنالك أقدموا ولم يبالوا‪ ..‬وأمامھم قائدھم زيد حاملا راية رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم‪ ،‬مقتحما رماح‬
 ‫العدو زنباله وسيوفه‪ ،‬لا يبحث عن النصر‪ ،‬بقدر ما يبحث عن المضجع الذي ترسو عنده صفقته مع ﷲ‬

                                          ‫الذي اشترى من المؤمنين أنفسھم وأموالھم بأن لھم الجنة‪.‬‬
‫لم يكن زيد يرى حواليه رمال البلقاء‪ ،‬ولا جيوش الروم بل كانت روابي الجنة‪ ،‬ورفرفھا الأخضر‪ ،‬تخفق‬

                                                     ‫أمام عينيه كالأعلام‪ ،‬تنبئه أن اليوم يوم زفافه‪..‬‬
 ‫وكان ھو يضرب‪ ،‬ويقاتل‪ ،‬لا يط ّوح رؤوس مقاتليه‪ ،‬انما يفتح الأبواب‪ ،‬ويف ّض الأغلاق التي تحول بينه‬

                 ‫وبين الباب الكبير الواسع‪ ،‬الي سيدلف منه الى دار السلام‪ ،‬وجنات الخلد‪ ،‬وجوار ﷲ‪..‬‬

                                                                            ‫وعانق زيد مصيره‪...‬‬
    ‫وكانت روحه وھي في طريقھا الى الجنة تبتسم محبورة وھي تبصر جثمان صاحبھا‪ ،‬لا يلفه الحرير‬

                                                    ‫الناعم‪ ،‬بل يض ّخمه دم طھور سال في سبيل ﷲ‪..‬‬
       ‫ثم تتسع ابتساماتھا المطمئنة الھانئة‪ ،‬وھي تبصر ثاني الأمراء جعفرا يندفع كالسھم صوب الراية‬

                                                      ‫ليتسلمھا‪ ،‬وليحملھا قبل أن تغيب في التراب‪....‬‬

                                       ‫جعفر بن أبي طالب‬
                                      ‫أشبھت خلقي‪ ،‬وخلقي‬

                                                                             ‫انظروا جلال شبابه‪..‬‬
                                                                             ‫انظروا نضارة اھابه‪..‬‬
                                                  ‫انظروا أناته وحلمه‪ ،‬حدبه‪ ،‬وب ّره‪ ،‬تواضعه وتقاه‪..‬‬
                                  ‫انظروا شجاعته التي لا تعرف الخوف‪ ..‬وجوده الذي لايخاف الفقر‪..‬‬
                                                                             ‫انظروا طھره وعفته‪..‬‬
                                                                           ‫انظروا صدقه وأمانته‪...‬‬
      ‫انظروا فيه كل رائعة من روائع الحسن‪ ،‬والفضيلة‪ ،‬والعظمة‪ ،‬ثم لا تعجبوا‪ ،‬فأنتم أمام أشبه الناس‬
                                                                            ‫بالرسول خلقا‪ ،‬وخلقا‪..‬‬
                                                         ‫أنتم أمام من كنّاه الرسول بـ أبي المساكين‪..‬‬
                                                         ‫أنت تجاه من لقبه الرسول بـ ذي الجناحين‪..‬‬
‫أنتم تلقاء طائر الجنة الغريد‪ ،‬جعفر بن أبي طالب‪ !!..‬عظيم من عظماء الرعيل الأول الذين أسھموا أعظم‬
                                                                  ‫اسھام في صوغ ضمير الحياة‪!!..‬‬

                                               ‫**‬

            ‫أقبل على الرسول صلى ﷲ عليه وسلم مسلما‪ ،‬آخذا مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين‪..‬‬
                                             ‫وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميس‪..‬‬

                                      ‫وحملا نصيبھما من الأذى ومن الاضطھاد في شجاعة وغبطة‪..‬‬

                                                              ‫‪129‬‬
   124   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134