Page 133 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 133
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فوﷲ ما أخذ ﷲ مني الرشوة حين ر ّد عل ّي ملكي ،فآخذ الرشوة فيه"!!...
وخرج مبعوثا قريش مخذولين ،حيث وليّا وجھيھما من فورھما شطر مكة عائين اليھا...
وخرج المسلمون بزعامة جعفر ليستأنفوا حياتھم الآمنة في الحبشة ،لابثين فيھا كما قالوا ":بخير دار..
مع خير جار "..حتى يأذن ﷲ لھم بالعودة الى رسولھم واخوانھم وديارھم...
**
كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يحتفل مع المسلمين بفتح خيبر حين طلع عليھم قادما من الحبشة
جعفر بن أبي طالب ومعه من كانوا لا يزالون في الحبشة من المھاجرين..
وأفعم قلب الرسول عليه الصلاة والسلام بمقدمة غبطة ،وسعادة وبشرا..
وعانقه النبي صلى ﷲ عليه وسلم وھو يقول:
" لا أدري بأيھما أنا أس ّر بفتح خيبر ..أم بقدوم جعفر."..
وركب رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم وصحبه الى مكة ،حيث اعتمروا عمرة القضاء ،وعادوا الى
المدينة ،وقد اكتلأت نفس جعفر روعة بما سمع من انباء اخوانه المؤمنين الذين خاضوا مع النبي صلى
ﷲ عليه وسلم غزوة بدر ،وأحد ..وغيرھما من المشاھد والمغازي ..وفاضت عيناه بالدمع على الذين
صدقوا ما عاھدوا ﷲ عليه ،وقضوا نحبھم شھداء أبرار..
وطار فؤداه شوقا الى الجنة ،وأخذ يتحيّن فرصة الشھادة ويترقب لحظتھا المجيدة!!..
**
وكانت غزوة مؤتة التي أسلفنا الحديث عنھا ،تتح ّرك راياتھا في الأفق متأھبة للزحف ،وللمسير..
ورأى جعفر في ھذه الغزوة فرصة العمر ،فا ّما أن يحقق فيھا نصرا كبيرا لدين ﷲ ،واما أن يظفر
باستشھاد عظيم في سبيل ﷲ..
وتق ّدم من رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يرجوه أن يجعل له في ھذه الغزوة مكانا..
كان جعفر يعلم علم اليقين أنھا ليست نزھة ..بل ولا حربا صغيرة ،انما ھي حرب لم يخض الاسلام منھا
من قبل ..حرب مع جيوش امبراطورية عريضة باذخة ،تملك من العتاد والأعداد ،والخبرة والأموال ما لا
قبل للعرب ولا للمسلمين به ،ومع ھذا طار شوقا اليھا ،وكان ثالث ثلاثة جعلھم رسول ﷲ قواد الجيش
وأمراءه..
وخرج الجيش وخرج جعفر معه..
والتقى الجمعان في يوم رھيب..
وبينما كان من حق جعفر أن تأخذ الرھبة عنده عندما بصر جيش الروم ينتظم مائتي ألف مقاتل ،فانه
على العكس ،أخذته نشوة عارمة اذا اح ّس في أنفه المؤمن العزيز ،واعتداد البطل المقتدر أنه سيقاتل
أكفاء له وأندادا!!..
133