Page 128 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 128
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وأدرك رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم ھدف المناوشات التي بدأھا الروم ليعجموا بھا عود الاسلام،
فقرر أن يبادرھم ،ويقنعھم بتصميم الاسلام الى أرض البلقاء بالشام ،حتى اذا بلغوا تخومھا لقيتھم
جيوش ھرقل من الروم ومن القبائل المستعربة التي كانت تقطن الحدود..
ونزل جيش الروم في مكان يس ّمى مشارف..
في حين نزل جيش الاسلام يجوار بلدة تس ّمى مؤتة ،حيث س ّميت الغزوة باسمھا...
**
كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يدرك أھمية ھذه الغزوة وخطرھا فاختار لھا ثلاثة من الرھبان في
الليل ،والفرسان في النھار..
ثلاثة من الذين باعوا أنفسھم فلم يعد لھم مطمع ولا أمنية الا في استشھاد عظيم يصافحون اثره
رضوان ﷲ تعالى ،ويطالعون وجھه الكريم..
وكان ھؤلاء الثلاثة وفق ترتيبھم في امارة الجيش ھم:
زيد بن حارثة،
جعفر بن أبي طالب،
عبدﷲ بن رواحة.
رضي ﷲ عنھم وأرضاھم ،ورضي ﷲ عن الصحابوة أجمعين...
وھكذا رأينا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عندما وقف يو ّدع الجيش يلقي أمره السالف:
" عليكم زيد بن حارثة..
فان أصيب زيد ،فجعفر بن أبي طالب...،
فان أصيب جعفر ،فعبدﷲ بن رواحة"...
وعلى الرغم من أن جعفر بن أبي طالب كان من أقرب الناس الى قلب ابن ع ّمه رسول ﷲ صلى ﷲ عليه
وسلم..
وعلى الرغم من شجاعته ،وجسارته ،وحسبه ونسبه ،فقد جعله رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم الأمير
التالي لزيد ،وجعل زيدا الأمير الأول للجيش...
وبمثل ھذا ،كان الرسول صلى ﷲ عليه وسلم يقرر دوما حقيقة أن الاسلام دين جديد جاء يلغي العلاقات
الانسانية الفاسدة ،والقائمة على أسس من التمايز الفارغ الباطل ،لينشئ مكانھا علاقات جديدة ،رشيدة،
قوامھا انسانية الانسان!!...
**
ولكأنما كان رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم يقرأ غيب المعركة المقبلة حين وضع امراء الجيش على
ھذا الترتيب :زيد فجعفر ،فابن رواحة ..فقد لقوا ربّھم جميعا وفق ھذا الترتيب أيضا!!..
ولم يكد المسلمون يطالعون جيش الروم الذي حزروه بمائتي ألف مقاتل حتى أذھلھم العدد الذي لم يكن
لھم في حساب..
128