Page 130 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 130

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫فلما اختار الرسول لأصحابه الھجرة الى الحبشة‪ ،‬خرج جعفر وزوجه حيث لبيا بھا سنين عددا‪ ،‬رزقا‬
                                             ‫خلالھا بأولادھما الثلاثة محمد‪ ،‬وعبد ﷲ‪ ،‬وعوف‪...‬‬

                                          ‫**‬

‫وفي الحبشة كان جعفر بن أبي طالب المتحدث اللبق‪ ،‬الموفق باسم الاسلام ورسوله‪..‬‬

‫ذلك أن ﷲ أنعم عليه فيما أنعم‪ ،‬بذكاء القلب‪ ،‬واشراق العقل‪ ،‬وفطنة النفس‪ ،‬وفصاحة اللسان‪..‬‬

‫ولئن كان يوم مؤتة الذي سيقاتل فيه فيما بعد حتى يستشھد‪ ..‬أروع أيامه وأمجاده وأخلدھا‪..‬‬

‫مجدا‪..‬‬  ‫ولا‬  ‫بھاء‪،‬‬  ‫ولا‬  ‫روعة‬  ‫يق ّل‬  ‫لن‬  ‫بالحيشة‪،‬‬  ‫النجاشي‬  ‫التي أجراھا أمام‬  ‫المحاورة‬     ‫فان يوم‬
                                                             ‫ومشھدا عجبا‪...‬‬    ‫يوما ف ّذا‪،‬‬  ‫لقد كان‬

                                          ‫**‬

  ‫وذلك أن قريشا لم يھدئ من ثورتھا‪ ،‬ولم يذھب من غيظھا‪ ،‬ولم يطامن كم أحقادھا‪ ،‬ھجرة المسلمين‬
      ‫الى الحبشة‪ ،‬بل خشيت أن يقوى ھناك بأسھم‪ ،‬ويتكاثر طمعھم‪ ..‬وحتى اذا لم تواتھم فرصة التكاثر‬

‫والق ّوة‪ ،‬فقد عز على كبريائھا أن ينجو ھؤلاء من نقمتھا‪ ،‬ويفلتوا من قبضتھا‪ ..‬يظلوا ھناك في مھاجرھم‬
                                         ‫أملا رحبا تھتز له نفس الرسول‪ ،‬وينشرح له صدر الاسلام‪..‬‬

‫ھنالك قرر ساداتھا ارسال مبعوثين الى النجاشي يحملان ھدايا قريش النفيسة‪ ،‬ويحملان رجاءھما في‬
                                           ‫أن يخرج ھؤلاء الذين جاؤوا اليھا لائذين ومستجيرين‪...‬‬

               ‫وكان ھذان المبعوثان‪ :‬عبدﷲ بن أبي ربيعة‪ ،‬وعمرو بن العاص‪ ،‬وكانا لم يسلما بعد‪...‬‬

                                          ‫**‬

 ‫كان النجاشي الذي كان يجلس أيامئذ على عرش الحبشة‪ ،‬رجلا يحمل ايمانا مستنيرا‪ ..‬وكان في قرارة‬
               ‫نفسه يعتنق مسيحية صافية واعية‪ ،‬بعيدة عن الانحراف‪ ،‬نائية عن التعصب والانغلاق‪...‬‬
                                ‫وكان ذكره يسبقه‪ ..‬وسيرته العادلة‪ ،‬تنشر غبيرھا في كل مكان تبلغه‪..‬‬
                           ‫من أجل ھذا‪ ،‬اختار الرسول صلى ﷲ عليه وسلم بلاده دار ھجرة لأصحابه‪..‬‬

  ‫ومن أجل ھذا‪ ،‬خافت قريش ألا تبلغ لديه ما تريد فح ّملت مبعوثيھا ھدايا ضخمة للأساقفة‪ ،‬وكبار رجال‬
‫الكنيسة ھناك‪ ،‬وأوصى زعماء قريش مبعوثيھاألا يقابلا النجاشي حتى يعطيا الھدايا للبطارقة أولا‪ ،‬وحتى‬

                                            ‫يقنعاھم بوجھة نظرھما‪ ،‬ليكونوا لھم عونا عند النجاشي‪.‬‬
   ‫وح ّط الرسولان رحالھما بالحبشة‪ ،‬وقابلا بھا الزعماء الروحانيين كافة‪ ،‬ونثرا بين أيديھم الھدايا التي‬

                                                           ‫حملاھا اليھم‪ ..‬ثم أرسلا للنجاشي ھداياه‪..‬‬
   ‫ومضيا يوغران صدور القسس والأساقفة ضد المسلمين المھاجرين‪ ،‬ويستنجدان بھم لحمل النجاشي‪،‬‬

                                      ‫ويواجھان بين يديه خصوم قريش الذين تلاحقھم بكيدھا وأذاھا‪.‬‬

                                          ‫‪130‬‬
   125   126   127   128   129   130   131   132   133   134   135