Page 4 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 4

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫لقد جاءھا يوم بعثه الرسول اليھا وليس فيھا سوى اثني عشر مسلما ھم الذين بايعوا النبي من قبل‬
                        ‫بيعة العقبة‪ ،‬ولكنه ام يكد يتم بينھم بضعة أشھر حتى استجابوا وللرسول‪!!..‬‬

‫وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة‪ ،‬كان مسلمو المدينة يرسلون الى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلھم‬
‫وينوب عنھم‪ ..‬وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة‪ ..‬جاءوا تحت قيادة معلمھم ومبعوث نبيھم اليھم‬

                                                                              ‫"مصعب ابن عمير"‪.‬‬
        ‫لقد أثبت "مصعب" بكياسته وحسن بلائه أن رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم عرف كيف يختار‪..‬‬
‫فلقد فھم مصعب رسالته تماما ووقف عند حدودھا‪.‬ز عرف أنه داعية الى ﷲ تعالى‪ ،‬ومبشر بدينه الذي‬
        ‫يدعوا الناس الى الھدى‪ ،‬والى صراط مستقيم‪ .‬وأنه كرسوله الذي آمن به‪ ،‬ليس عليه الا البلاغ‪..‬‬

‫ھناك نھض في ضيافة "أسعد بم زرارة" يفشيان معا القبائل والبويت والمجالس‪ ،‬تاليا على الناس ما‬
                      ‫كان معه من كتاب ربه‪ ،‬ھاتفا بينھم في رفق عظيم بكلمة ﷲ )انما ﷲ اله واحد(‪..‬‬

   ‫ولقد تع ّرض لبعض المواقف التي كان يمكن أن تودي به وبمن معه‪ ،‬لولا فطنة عقله‪ ،‬وعظمة روحه‪..‬‬

‫ذات يوم فاجأه وھو يعظ الانس "أسيد بن خضير" سيد بني عبد الأشھل بالمدينة‪ ،‬فاجأه شاھرا‬
‫حربتھو يتوھج غضبا وحنقا على ھذا الذي جاء يفتن قومه عن دينھم‪ ..‬ويدعوھم لھجر آلھتھم‪ ،‬ويحدثھم‬

                                                ‫عن اله واحد لم يعرفوه من قبل‪ ،‬ولم يألفوه من قبل‪!..‬‬
‫ان آلھتھم معھم رابضة في مجاثمھاو اذا حتاجھا أحد عرف مكانھا وولى وجھه ساعيا اليھا‪ ،‬فتكشف‬

                                                   ‫ض ّره وتلبي دعاءه‪ ...‬ھكذا يتصورون ويتوھمون‪..‬‬

‫أما اله محمد الذي يدعوھم اليه باسمه ھذا السفير الوافد اليھم‪ ،‬فما أحد يعرف مكانه‪ ،‬ولا أحد يستطيع‬
                                                                                        ‫أن يراه‪!!..‬‬

‫وما ان رأى المسلمون الذين كانوا يجالسون مصعبا مقدم أسيد ابن حضير متوشحا غضبه المتلظي‪،‬‬
                          ‫وثورته المتحفزة‪ ،‬حتى وجلوا‪ ..‬ولكن مصعب الخير ظل ثابتا وديعا‪ ،‬متھللا‪..‬‬
                                         ‫وقف اسيد أمامه مھتاجا‪ ،‬وقال يخاطبه ھو وأسعد بن زرارة‪:‬‬

      ‫"ما جاء بكما الى حيّنا‪ ،‬تسھفان ضعفاءنا‪..‬؟ اعتزلانا‪ ،‬اذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة"‪!!..‬‬
                                                                      ‫وفي مثل ھدوء البحر وقوته‪..‬‬

‫وفي مثل تھلل ضوء الفجر ووداعته‪ ..‬انفرجت أسارير مصعب الخير وتح ّرك بالحديث الطيب لسانه فقال‪:‬‬
                    ‫"أولا تجلس فتستمع‪..‬؟! فان رضيت أمرنا قبلته‪ ..‬وان كرھته كففنا عنك ما تكره"‪.‬‬
                                                  ‫ﷲ أكبر‪ .‬ما أروعھا من بداية سيسعد بھا الختام‪!!..‬‬

‫كان أسيد رجلا أريبا عاقلا‪ ..‬وھا ھو ذا يرى مصعبا يحتكم معه الى ضميره‪ ،‬فيدعوه أن يسمع لا غير‪..‬‬
‫فان اقتنع‪ ،‬تركه لاقتناعھو وان لم يقتنع ترك مصعب حيّھم وعشيرتھم‪ ،‬وتحول الى حي آخر وعشيرة‬

                                                                        ‫أخرى غير ضا ّر ولا مضا ّر‪..‬‬
                            ‫ھنالك أجابه أسيد قائلا‪ :‬أنصفت‪ ..‬وألقى حربته الى الأرض وجلس يصغي‪..‬‬
‫ولم يكد مصعب يقرأ القرآن‪ ،‬ويفسر الدعوة التي جاء بھا محمد بن عبدﷲ عليه الصلاة والسلام‪ ،‬حتى‬
                        ‫أخذت أسارير أسيد تبرق وتشرق‪ ..‬وتتغير مع مواقع الكلم‪ ،‬وتكتسي بجماله‪!!..‬‬

                                                                 ‫‪4‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9