Page 8 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 8

‫‪ www.islamicbulletin.com‬رﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ‬

‫ولقد تنبأ الرسول عليه السلام بھذا المد المبارك لدينه‪ ..‬لا‪ ،‬بل وعد به وعد صدق من ربه الكبير العليم‪..‬‬
‫ولقد زوي له الزمان والمكان ذات يوم ورأى رأي العين راية الاسلام تخفق فوق مدائن الأرض‪ ،‬وقصور‬

                                                                                          ‫أربابھا‪..‬‬
                                        ‫وكان سلمان الفارسي شاھدا‪ ..‬وكان له بما حدث علاقة وثقى‪.‬‬

‫كان ذلك يوم الخندق‪ .‬في السنة الخامسة للھجرة‪ .‬اذ خرج نفر من زعماء اليھود قاصدين مكة‪ ،‬مؤلبين‬
‫المشركين ومح ّزبين الأحزاب على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم والمسلمين‪ ،‬متعاھدين معھم على أن‬

                                          ‫يعاونوھم في حرب حاسمة تستأصل شأفة ھذا الدين الجديد‪.‬‬
‫ووضعت خطة الحرب الغادرة‪ ،‬على أن يھجم جيش قريش وغطفان "المدينة" من خارجھا‪ ،‬بينما يھاجم‬
‫بنو قريظة من الداخل‪ ،‬ومن وراء صفوف المسلمين‪ ،‬الذين سيقعون آنئذ بين شقّى رحى تطحنھم‪،‬‬

                                                                                  ‫وتجعلھم ذكرى‪!..‬‬
       ‫وفوجىء الرسول والمسلمون يوما بجيش لجب يقترب من المدينة في عدة متفوقة وعتاد مدمدم‪.‬‬

                                     ‫وسقط في أيدي المسلمين‪ ،‬وكاد صوابھم يطير من ھول المباغتة‪.‬‬
                                                             ‫وص ّور القرآن الموقف‪ ،‬فقال ﷲ تعالى‪:‬‬

‫)اذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم واذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون با الظنونا(‪.‬‬

‫أربعة وعشرون ألف مقاتل تحت قيادة أبي سفيان وعيينة بن حصن يقتربون من المدينة ليطوقوھا‬
                                  ‫وليبطشوا بطشتھم الحاسمة كي ينتھوا من محمد ودينه‪ ،‬وأصحابه‪..‬‬

  ‫وھذا الجيش لا يمثل قريشا وحدھا‪ ..‬بل ومعھا كل القبائل والمصالح التي رأت في الاسلام خطرا عليھا‪.‬‬
      ‫انھا محاولة أخيرة وحاسمة يقوم بھا جميع أعداء الرسول‪ :‬أفرادا‪ ،‬وجماعات‪ ،‬وقبائل‪ ،‬ومصالح‪..‬‬
                                                        ‫ورأى المسلمون أنفسھم في موقف عصيب‪..‬‬
                                                        ‫وجمع الرسول أصحابه ليشاورھم في الأمر‪..‬‬
                                             ‫وطبعا‪ ،‬أجمعوا على الدفاع والقتال‪ ..‬ولكن كيف الدفاع؟؟‬

‫ھنالك تقدم الرجل الطويل الساقين‪ ،‬الغزير الشعر‪ ،‬الذي كان الرسول يحمل له حبا عظيما‪ ،‬واحتراما‬
                                                                                             ‫كبيرا‪.‬‬

‫تق ّدم سلمان الفارسي وألأقى من فوق ھضبة عالية‪ ،‬نظرة فاحصة على المدينة‪ ،‬فألفاھا محصنة بالجبال‬
‫والصخور المحيطة بھا‪ ..‬بيد أن ھناك فجوة واسعة‪ ،‬ومھيأة‪ ،‬يستطيع الجيش أن يقتحم منھا الحمى في‬

                                                                                              ‫يسر‪.‬‬
‫وكان سلمان قد خبر في بلاد فارس الكثير من وسائل الحرب وخدع القتال‪ ،‬فتقدم للرسول صلى ﷲ عليه‬
‫وسلم بمقترحه الذي لم تعھده العرب من قبل في حروبھا‪ ..‬وكان عبارة عن حفر خندق يغطي جميع‬

                                                                    ‫المنطقة المكشوفة حول المدينة‪.‬‬
‫وﷲ يعلم ‪ ،‬ماذا كان المصير الذي كان ينتظر المسلمين في تلك الغزوة لو لم يحفروا الخندق الذي لم تكد‬
‫قريش تراه حتى دوختھا المفاجأة‪ ،‬وظلت قواتھا جاثمة في خيامھا شھرا وھي عاجزة عن اقتحام‬

       ‫المدينة‪ ،‬حتى أرسل ﷲ تعالى عليھا ذات ليلة ريح صرصر عاتية اقتلعت خيامھا‪ ،‬وب ّددت شملھا‪..‬‬
                   ‫ونادى أبو سفيان في جنوده آمرا بالرحيل الى حيث جاءوا‪ ..‬فلولا يائسة منھوكة‪!!..‬‬

                                                                 ‫‪8‬‬
   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13