Page 12 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 12
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
فأكببت عليه أقبله وأبكي ..ثم دعاني عليه الصلاة والسلام فجلست بين يديه ،وحدثته حديثي كما أحدثكم
الآن..
ثم أسلمت ..وحال الرق بيني وبين شھود بدر وأحد..
وفي ذات يوم قال الرسول عليه الصلاة والسلام ":كاتب سيدك حتى يعتقك" ،فكاتبته ،وأمر
الرسولأصحابه كي يعونوني .وحرر ﷲ رقبتي ،وعشت حرا مسلما ،وشھدت مع رسول ﷲ صلى ﷲ
عليه وسلم غزوة الخندق ،والمشاھد كلھا .ھذه القصة مذكورة في الطبقات الكبرى لابن سعد ج.4
**
بھذه الكلمات الوضاء العذاب ..تحدث سلمان الفارسي عن مغامرته الزكية النبيلة العظيمة في سبيل
بحثه عن الحقيقة الدينية التي تصله با ،وترسم له دوره في الحياة..
فأي انسان شامخ كان ھذا الانسان..؟
أي تفوق عظيم أحرزته روحه الطلعة ،وفرضته ارادته الغلابة على المصاعب فقھرتھا ،وعلى المستحيل
فجعلته ذلولا..؟
أي تبتل للحقيقة ..وأي ولاء لھا ھذا الذي أخرج صاحبه طائعا مختارا من ضياع أبيه وثرائه ونعمائه الى
المجھول بكل أعبائه ،ومشاقه ،ينتقل من أرض الى أرض ..ومن بلد الى بلد ..ناصبا ،كادحا عابدا..
تفحص بصيرته الناقدة الناس ،والمذاھب والحياة ..ويظل في اصراره العظيم وراء الحق ،وتضحياته
النبيلة من أجل الھدى حتى يباع رقيقا ..ثم يثيبه ﷲ ثوابه الأوفى ،فيجمعه بالحق ،ويلاقيه برسوله ،ثم
يعطيه من طول العمر ما يشھد معه بكلتا عينيه رايات ﷲ تخفق في كل مكان من الأرض ،وعباده
المسلمون يملؤن أركانھا وأنحاءھا ھدى وعمرانا وعدلا..؟!!
**
ماذا نتوقع أن يكون اسلام رجل ھذه ھمته ،وھذا صدقه؟
لقد كان اسلام الأبرار المتقين ..وقد كان في زھده ،وفطنته ،وورعه أشبه الناس بعمر بن الخطاب.
أقام أياما مع أبي الدرداء في دار واحدة ..وكان أبو الدرداء رضي ﷲ عنه يقوم الليل ويصوم النھار..
وكان سلمان يأخذ عليه مبالغته في العبادة على ھذا النحو.
وذات يوم حاول سلمان أن يثني عزمه على الصوم ،وكان نافلة..
فقال له أبو الدرداء معاتبا :أتمنعني أن أصوم لربي ،وأصلي له..؟ّ
فأجابه سلمان قائلا:
ان لعينك عليك حقا ،وان لأھلك عليك حقا ،صم وافطر ،وصل ونم..
فبلغ ذلك الرسول صلى ﷲ عليه وسلم فقال:
" لقد أشبع سلمان علما ".
وكان الرسول عليه السلام يرى فطنته وعلمه كثيرا ،كما كان يطري خلقه ودينه..
ويوم الخندق ،وقف الأنصار يقولون :سلمان منا ..وقف المھاجرون يقولون بل سلمان منا..
وناداھم الرسول قائلا ":سلمان منا آل البيت".
12