Page 16 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 16
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
وفي مرض موته وفي صبيحة اليوم الذي قبض فيه ،ناداھا:
"ھلمي خبيّك التي استخبأتك"!!..
فجاءت بھا ،واذا ھي صرة مسك ،كان قد أصابھا يوم فتح "جلولاء" فاحتفظ بھا لتكون عطره يوم
مماته.
ثم دعا بقدح ماء نثر المسك فيه ،ثم ماثه بيده ،وقال لزوجته:
"انضجيه حولي ..فانه يحصرني الآن خلق من خلق ﷲ ،لا يأكلون الطعام ،وانما يحبون الطيب".
فلما فعلت قال لھا ":اجفئي علي الباب وانزلي" ..ففعلت ما أمرھا به..
وبعد حين صعدت اليه ،فاذا روحه المباركة قد فارقت جسده ودنياه.
قد لحقت بالملأ الأعلى ،وصعدت على أجنحة الشوق اليه ،اذ كانت على موعد ھناك مع الرسول محمد،
وصاحبيه أبي بكر وعمر ..ومع ثلة مجيدة من الشھداء والأبرار.
**
لطالما ب ّرح الشوق الظامئ بسلمان..
وآن اليوم أن يرتوي ،وينھل..
أبو ذر الغفاري
زعيم المعارضة وعدو الثروات
أقبل على مكة نشوان مغتبطا..
صحيح أن وعثاء السفر وفيح الصحراء قد وقذاه بالضنى والألم ،بيد أن الغاية التي يسعى اليھا ،أنسته
جراحه ،وأفاضت على روحه الحبور والبشور.
ودخلھا متنكرا ،كأنه واحد من أولئك الذين يقصدونھا ليط ّوفوا بآلھة الكعبة العظام ..أو كأنه عابر سبيل
ضل طريقه ،أو طال به السفر والارتحال فأوى اليھا يستريح ويتز ّود.
فلو علم أھل مكة أنه جاء يبحث عن محمد صلى ﷲ عليه وسلم ،ويستمع اليه لفتكوا به.
وھو لا يرى بأسا في أن يفتكوا به ،ولكن بعد أن يقابل الرجل الي قطع الفيافي ليراه ،وبعد أن يؤمن به،
ان اقتنع بصدقه واطمأن لدعوته..
ولقد مضى يتس ّمع الأنباء من بعيد ،وكلما سمع قوما يتحدثون عن محمد اقترب منھم في حذر ،حتى جمع
من نثارات الحديث ھنا وھناك ما دله على محمد ،وعلى المكان الذي يستطيع أن يراه فيه.
في صبيحة يوم ذھب الى ھناك ،فوجد الرسول صلى ﷲ عليه وسلم جالاسا وحده ،فاقترب منه وقال:
نعمت صباحا يا أخا العرب..
فأجاب السول عليه الصلاة والسلام :وعليك السلام يا أخاه.
قال أبو ذر:أنشدني مما تقول..
فأجاب الرسول عليه الصلاة والسلام :ما ھو بشعر فأنشدك ،ولكنه قرآن كريم.
قال أ]و ذر :اقرأ عل ّي..
16