Page 19 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 19
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
لقد كان الموكب قبيلتي غفار وأسلم ،جاء بھما ابو ذر مسلمين جميعا رجالا ونساءا .شيوخا وشبابا،
وأطفالا!!..
وكان من حق الرسول عليه الصلاة والسلام أن يزداد عجبا ودھشة..
فبالأمس البعيد عجب كثيرا حين رأى أمامه رجلا واحدا من غفار يعلن اسلامه وايمانه ،وقال معبّرا عن
دھشته:
"ان ﷲ يھدي من يشاء"!!..
أما اليوم فان قبيلة غفار بأجمعھا تجيئه مسلمة..وقد قطعت في الاسلام بضع سنين منذ ھداھا ﷲ على يد
أبي ذر ،وتجيء معھا قبيلة أسلم..
ان عمالقة السطور وحلفاء الشيطان ،قد أصبحوا عمالقة في الخير وحلفاء للحق.
أليس ﷲ يھدي من يشاء حقا..؟؟
لقد ألقى الرسول عليه الصلاة والسلام على وجوھھم الطيبة نظرات تفيض غبطة وحنانا وودا..
ونظر الى قبيلة غفار وقال:
"غفار غفر ﷲ لھا".
ثم الى قبيلة أسلم فقال:
"وأسلم سالمھا ﷲ"..
وأبو ذر ھذا الداعية الرائع ..القوي الشكيمة ،العزيز المنال ..ألا يختصه الرسول عليه الصلاة والسلام
بتحية..؟؟
أجل ..ولسوف يكون جزاؤه موفورا ،وتحيته مباركة..
ولسوف يحمل صدره ،ويحمل تاريخه ،أرفع الأوسمة وأكثرھا جلالا وعزة..
ولسوف تفنى القرون والأجيال ،والناس يرددون رأي الرسول صلى ﷲ عليه وسلم في أبي ذر:
" ما أقلّت الغبراء ،ولا أظلّت الصحراء أصدق لھجة من أبي ذر"!!..
ويدرك الرسول عليه الصلاة والسلام طبيعة تلميذه الجديد الوافد ،وقدرته اباھرة على مواجھة الباطل..
بيد أن وقته لم يأت بعد ،فيعيد عليه أمره بالعودة الى قومه ،حتى اذا سمع بظھور الدين عاد وأدلى في
مجرى الأحداث دلّوه..
**
أصدق لھجة في أبي ذر..؟
لقد قرأ الرسول عليه الصلاة والسلام مستقبل صاحبه ،ولخص حياته كلھا في ھذه الكلمات..
فالصدق الجسور ،ھو جوھر حياة أبي ذر كلھا..
صدق باطمه ،وصدق ظاھره..
صدق عقيدته وصدق لھجته..
ولسوف يحيا صادقا ..لا يغالط نفسه ،ولا يغالط غيره ،ولا يسمح لأحد أن يغالطه..
ولئن يكون صدقه فضيلة خرساء ..فالصدق الصامت ليس صدقا عند أبي ذر..
انما الصدق جھر وعلن ..جھر بالحق وتحد للباطل..تأييد للصواب ودحض للخطأ..
الصدق ولاء رشيد للحق ،وتعبير جريء عنه ،وسير حثيث معه..
19