Page 20 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 20
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولقد كان الرسول صلى ﷲ عليه وسلم ببصيرته الثاقبة عبر الغيب القص ّي والمجھول البعيد كل
المتاعب التي سيفيئھا على أبي ذر صدقه وصلابته ،فكان يأمره دائما أن يجعل الأناة والصبر نھجه
وسبيله.
وألقى الرسول يوما ھذا السؤال:
" يا أبا ذر كيف أنت اذا أدركك أمراء يستأثرون بالفيء"..؟
فأجاب قائلا:
"اذن والذي بعثك بالحق ،لأضربن بسيفي"!!.
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام:
"أفلا أدلك على خير من ذلك..؟
اصبر حتى تلقاني".
ترى لماذا سأله الرسول ھذا السؤال بالذات..؟؟
الأمراء ..والمال..؟؟
تلك قضية أبي ذر التي سيھبھا حياته ،وتلك مشكلته مع المجتمع ومع المستقبل..
ولقد عرفھا رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم فألقى عليه السؤال ،ليزوده ھذه النصيحة الثمينة":اصبر
حتى تلقاني"..
ولسوف يحفظ أبو 1ر وصية معلمه ،فلن يحمل السيف الذي ت ّود به الأمراء الذين يثرون من مال الأمة..
ولكنه أيضا لن يسكت عنھم لحظة من نھار..
أجل اذا كان الرسول قد نھاه عن حمل السيف في وجوھھم ،فانه لا ينھاه عن أن يحمل في الحق لسانه
البتار..
ولسوف يفعل..
**
ومضى عھد الرسول ،ومن بعده عصر أبي بكر ،وعصر عمر في تفوق كامل على مغريات الحياة
ودواعي الفتنة فيھا..
حتى تلك النفوس المشتھية الراغبة ،لم تكن تجد لرغباتھا سبيلا ولا منفذا.
وأيامئذ ،لم تكن ثمة انحرافات يرفع أبو ذر ضدھا صوته ويفلحھا بكلماته اللاھبة...
ولقد طال عھد أمير المؤمنين عمر ،فارضا على ولاة المسلمين وأمرائھم وأغنيائھم في كل مكان من
الأرض ،زھدا وتقشفا ،ودعلا يكاد يكون فوق طاقة البشر..
ان واليا من ولاته في العراق ،أو في الشام ،أ ،في صنعاء ..أو في أي من البلاد النائية البعيدة ،لا يكاد
يصل اليھا نوعا من الحلوى ،لا يجد عامة الناس قدرة على شرائه ،حتى يكون الخبر قد وصل الى عمر
20