Page 5 - رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم
P. 5
www.islamicbulletin.comرﺟﺎل ﺣﻮل اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ
ولم يكد مصعب يفرغ من حديثه حتى ھتف به أسيد بن حضير وبمن معه قائلا:
"ما أحسن ھذا القول وأصدقه ..كيف يصنع من يريد أن يدخل في ھذا الدين"..؟؟
وأجابوه بتھليلة ر ّجت الأرض ر ّجا ،ثم قال له مصعب:
"يطھر ثوبه وبدنه ،ويشھد أن لا اله الا ﷲ".
فعاب أسيد عنھم غير قليل ثم عاد يقطر الماء الطھور من شعر رأسه ،ووقف يعلن أن لا اله الا ﷲ ،وأن
محمدا رسول ﷲ..
وسرى الخبر كالضوء ..وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع ،وأسلم ثم تلاه سعد بن عبادة ،وتمت
باسلامھم النعمة ،وأقبل أھل المدينة بعضھم على بعض يتساءلون :اذا كان أسيد بن حضير ،وسعد ابن
معاذ ،وسعد بن عبادة قد أسلموا ،ففيم تخلفنا..؟ ھيا الى مصعب ،فلنؤمن معه ،فانھم يتحدثون أن الحق
يخرج من بين ثناياه!!..
**
لقد نجح أول سفراء الرسول صلى ﷲ عليه وسلم نجاحا منقطع النظير ..نجاه\حا ھو له أھل ،وبه
جدير..
وتمضي الأيام والأعوام ،ويھاجر الرسول وصحبه الى المدينة ،وتتلمظ قريش بأحقادھا ..وتع ّد ع ّدة
باطلھا ،لتواصل مطاردتھا الظالمة لعباد ﷲ الصالحين ..وتقوم غزوة بدر ،قيتلقون فيھا درسا يفقدھم
بقية صوابھم ويسعون الى الثأر،و تجيء غزوة أحد ..ويعبئ المسلمون أنفسھم ،ويقف الرسول صلى ﷲ
عليه وسلم وسط صفوفھم يتف ّرس الوجوه المؤمنة ليختار من بينھا من يحمل الراية ..ويدعو مصعب
الخير ،فيتقدم ويحمل اللواء..
وتشب المعركة الرھيبة ،ويحتدم القتال ،ويخالف الرماة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام ،ويغادرون
موقعھم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون منھزمين ،لكن عملھم ھذا ،سرعان ما يح ّول
نصر المسلمين الى ھزيمة ..ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش تغشاھم من أعلى الجبل ،وتعمل فيھم على
حين غ ّرة ،السيوف الظامئة المجنونة..
حين رأوا الفوضى والذعر في صفوف المسلمين ،ركزا على رسول ﷲ صلى ﷲ عليه وسلم لينالوه..
وأدرك مصعب بن عمير الخطر الغادر ،فرفع اللواء عاليا ،وأطلق تكبيرة كالزئير ،ومضى يجول
ويتواثب ..وكل ھمه أن يلفت نظر الأعداء اليه ويشغلھم عن الرسول صلى ﷲ عليه وسلم بنفسه ،وج ّرد
من ذاته جيشا بأسره ..أجل ،ذھب مصعب يقاتل وحده كأنه جيش لجب غزير..
يد تحمل الراية في تقديس..
ويد تضرب بالسيف في عنفزان..
ولكن الأعداء يتكاثرون عليه ،يريدون أن يعبروا فوق جثته الى حيث يلقون الرسول..
لندع شاھد عيان يصف لنا مشھد الخاتم في حياة مصعب العظيم!!..
يقول ابن سعد :أخبرنا ابراھيم بن محمد بن شرحبيل العبدري ،عن أبيه قال:
]حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد ،فلما جال المسلمون ثبت به مصعب ،فأقبل ابن قميئة وھو
فارس ،فضربه على يده اليمنى فقطعھا ،ومصعب يقول :وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل..
5