Page 98 - merit 40 apr 2022
P. 98

‫العـدد ‪40‬‬                            ‫‪96‬‬

                                                                 ‫أبريل ‪٢٠٢2‬‬

‫سعاد سليمان‬

‫للمتعة صورت يؤرقني‬

  ‫فعل يوحي بأن أفخاذي تنفتح وتنجب الكثير من‬           ‫ليلي عالم أتوه فيه‪ ،‬سقفي ألواح خشب يبرز من‬
         ‫الأطفال السفاح كما ابتلت شكوكو الهبلة‪.‬‬     ‫بين فجواتها مرتبة قطن قديمة توشك على التهالك‪،‬‬
                                                    ‫ينز منها غبار يشاركني حيرتي‪ ،‬مرتبة تنوء بحمل‬
   ‫طويلة وصعبة الليالي التي قضيتها تحت السرير‬
  ‫أنتظر سكون أزيز الألواح واستقرار بروز المرتبة‬        ‫متعة تزمجر لها مفاصل السرير‪ ،‬تختلط بهمس‬
                                                          ‫امتزاج جسد بآخر‪ ،‬تئن روحي‪ ،‬لا أملك حق‬
              ‫في مكانها حتي أستطيع النوم بعمق‪.‬‬
‫من تحت السرير خلقت عالمًا مغاي ًرا‪ ،‬أحلق فيه نحو‬       ‫التنفس‪ ،‬يتخشب جسدي أخاف الحركة‪ ،‬إحداث‬
 ‫نقطة نور في نفق طويل ومظلم‪ ،‬أتتبع نقطة النور‪،‬‬       ‫أقل صوت‪ ،‬ليس خو ًفا من إفساد متعة من يفصل‬

     ‫لا أدري ما تركته خلفي‪ ،‬لا شيء حولي سوي‬           ‫بيني وبينهم مرتبة وعدة الواح من خشب‪ ،‬ربما‬
                                         ‫الظلمة‪.‬‬     ‫تشعر بي أكثر مما يشعر بي من ينامون بجانبي‬
                                                    ‫وفوق مرقدي‪ ،‬إنما خشية من عقاب أبدي‪ ،‬ونظرة‬
     ‫اخترت مكاني على طرف فرشتنا التي تضمني‬          ‫أكرهها تسمم حياتي‪ ،‬تلعنني‪ ،‬تقول صراحة‪ :‬انتي‬
  ‫وأخواتي البنات تحت السرير‪ ،‬أشتري بمصروفي‬           ‫حقيرة ووسخة‪ ،‬أفهم ما يحدث‪ ،‬تتداعي الأسئلة‪:‬‬
   ‫شم ًعا‪ ،‬أخفي الطبق الألومنيوم «لم نكن نستعمل‬    ‫متي عرفت؟ ولماذا أنا دو ًنا عن أخوتي الذين ينامون‬
   ‫سوى الألومنيوم بداية من الحلل والأطباق حتي‬
 ‫كوز الشرب»‪ ..‬من أين لنا برفاهية أطباق الصيني‬                  ‫حولي كأنهم قتلى؟ لماذا لا أكون مثلهم؟‬
                                                           ‫حاولت! والله حاولت‪ ،‬وحاول أبي كثي ًرا أن‬
                                  ‫سهلة الكسر؟‬         ‫يكسرني‪ ،‬يحدد أبعادي‪« ،‬اضرب المربوط يخاف‬
‫أشعل الشمعة‪ ،‬أذاكر دروسي على ضوئها الشحيح‪،‬‬            ‫السايب»‪ .‬أنا المربوط‪ ،‬أو من يجب ربطه وتكبيله‬
                                                   ‫بكل المحظورات‪ ،‬بداية من عقلي الذي يقول عنه أبي‬
              ‫عندما أنتهي أطفئها في طبقها وأنام‪.‬‬      ‫وهو يضربني بغل‪ :‬نفسي اكسر راسك واعرف‬
     ‫اخترعت طرق أخرى للمذاكرة‪ ،‬وبعدها القراءة‬
‫الحرة التي يحسب أهلي أنها مذكراة‪ ،‬ولا أجرؤ على‬                                            ‫فيها أيه؟‬
  ‫إخبارهم الحقيقة‪ ،‬يضجون مني‪ ،‬لماذا أنا دو ًنا عن‬     ‫إلى جسدي المنظور إليه باعتباره خطيئة‪ ،‬رغم أن‬
 ‫كل من يتعلمون في المأوى لا أترك الكتب من يدي‪،‬‬      ‫الفعل الفاحش فوقي‪ ،‬والهزار الجنسي الفج يحيط‬
                                                   ‫بي من كل اتجاه ومن الجميع‪ ،‬ولكن يجب ألا أفهم‪،‬‬
          ‫ولماذا تستغرق مذاكراتي كل هذا الوقت‪.‬‬       ‫أو أضحك على نكاتهم الجنسية ناصعة الحضور‪،‬‬
 ‫ابتكرت طر ًقا للمذاكرة والتشبث بحلم التعليم‪ ،‬وفي‬  ‫لا أملك قورة صبحية ولا هنية ولا كل بنات المأوى‬
                                                     ‫اللائي يسمعن وكأنهن بغير آذان ولا أجساد‪ ،‬ولا‬
  ‫نفس الوقت أقوم بما هو مفروض عليَّ من أعمال‬       ‫استجابة لمهازل جنسية ضاحكة‪ ،‬رغم دخولهن سن‬
  ‫منزلية لا يمكن إعفائي منها حتى لو كنت وزيرة‪،‬‬
 ‫يقول أبي‪ :‬انتي فاكرة نفسك ح تبقي أنديرا غاندي‬                             ‫المراهقة منذ سنوات عدة‪.‬‬
                                                      ‫يشبهني أبي بشكوكو الهبلة‪ ،‬أخذ ربنا عقلها من‬
                                          ‫ياك»!‬    ‫رأسها ووضعه بين فخذيها‪ ،‬رغم أني لم أرتكب أي‬
‫أكتب على ورقة كل وجباتي‪ ،‬أحفظ النصوص‪ ،‬سور‬

    ‫مادة الدين‪ ،‬معادلات العلوم‪ ،‬كلمات الإنجليزي‪،‬‬
‫أرددها أثناء ذهابي للسوق‪ ،‬تنظيف المواعين‪ ،‬تحميم‬
   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102   103