Page 99 - merit 40 apr 2022
P. 99
97 إبداع ومبدعون
قصــة
وأنا التي يصفني أبي بالقبح بأنفي الغليظ وعيني أخواتي الصغار ،فأمي إما حامل أو تلد أو ترضع
الحولاء كما يعايرني. أو حامل من جديد ،ما يتاح من وقت أنجز واجباتي
نزلنا في محطة الرمل أمام المسرح الروماني، العملية.
منبهرة بما أرى رغم عيشي في الإسكندرية منذ منحتني القراءة نافذة إنقاذ ،أعيش مع نادية
اثني عشر عا ًما ،جئت من الصعيد وعمري ثلاث ليوسف السباعي ،أرى حروق تشوه وجهها،
سنوات ،صعدنا في أسانسير إلى أعلى طابق ،شهقت بؤساء فيكتور هوجو ،أحمد الله على نعمة اللقمة
عندما ارتفع الأسانسير ،جلسنا في كافتريا الدور المغمسة بالألم ،أتساءل :هل حياتي أقل قسوة منهم،
العاشر ،طلب مني أن أحكي له عن ظروفي :أبي لم أنم أب ًدا جوعى ،لم أتع َّر ،لم أشتهي الكثير مما
عامل بسيط في الميناء ،نحن أربع بنات وولد ،نسكن يرغبون ،ببساطة لأني لا أعرفه ،كيف اشتهي ما لا
جمي ًعا غرفة واحدة ،أنام أنا وأخوتي تحت السرير.
اتسعت عينا المستر :ولما أبوكي وامك بيناموا مع أعرف؟
كنت أقدم فقري قبل أن أذكر اسمي ،لم أخجل
بعض بتعملي إيه؟ منه أب ًدا ،أعجبتني الجملة السحرية «الفقر موش
:ولا حاجة بانام ومش با احس بحاجة! عيب» .كانت بلس ًما لهدوء نفسي ،في السنة الثالثة
ضحك بغير تصديق :بس أكيد مرة سمعتي؟ الإعدادية أقنعت أمي أني أحتاج لدرس خصوصي
تهت لا أعرف بماذا أجيب .أضاف :ده منطقي، في اللغة الإنجليزية ،رفضت دفع جنيهين في الشهر،
خيرتني بين دفع جنيه واحد أو أخبط رأسي في
أومال خلفوا إخواتك ازاي! الحيط ،بجرأة حسدني عليها مدرس الإنجليزي
بكيت لا أعرف لماذا ،قدم لي الأستاذ كوب ماء، أخبرته أننا فقراء ولن استطيع دفع أكثر من جنيه
أخرجه الفضول عن وقاره ،قلت بألم :باسد وداني.
طبطب عليَّ ،أعاد لي الجنيه ثمن الدروس :ولا يهمك، واحد لا غير.
إنتي معفية من الدفع ،بس ده سر بيني وبينك :ماشي موافق ،قال مستر أحمد.
بعد الدرس طلب مني لقاءه على انفراد لا أدري
محدش يعرفه ،مقابلتنا دي كمان سر. لماذا ،وهل سيطردني من الدرس بسبب عدم
عدت إلى بيتي مشيًا ،أحفظ الجنيه كأنه كنزي استطاعتي دفع كامل المبلغ ،أركبني بجانبه
الذي هبط من السماء ،أحتاج شراء سوتيان بدل في تاكسي ،أول مرة أعرف كيفية ركوبه ،فكل
السوتيان الوحيد الذي أملكه ،أغسله وأنتظر أن مشاويري أمشيها ،سرحت فيما يمكن أن يفعل
بي ،فهو متزوج حديثًا رغم تخطيه الأربعين من
يجف وأرتديته أحيا ًنا مبل ًل. مدرسة الألعاب أبلة مايسة ،يقترب مني بصورة
مقلقة ،أتساءل ،هل أملك الفتنة التي تغوي مدرسي
----
فصل من رواية لم تنشر بعنوان «إيواء مؤقت».