Page 97 - merit 40 apr 2022
P. 97

‫‪95‬‬  ‫إبداع ومبدعون‬

    ‫قصــة‬

‫الجديد‪ ،‬نالت منهم الدهشة‪ :‬صغر حجم الجد وبات‬                          ‫‪-3-‬‬
  ‫أقصر طو ًل‪ ،‬ونحي ًفا‪ .‬لكنهم فشلوا فى إقناعه‪ ،‬أن‬
                              ‫يخرج من غرفته‪.‬‬           ‫كل ما حرص عليه فيما بعد‪ ،‬أن يضعوا صورته؛‬
        ‫تشاوروا فى الأمر‪ ،‬كان قرارهم أن يتركوا‬          ‫صورة المقاتل القديم‪ ،‬في مكان بارز يراه سكان‬
                                                      ‫المدينة كلهم‪ ..‬يبدو جدي وكأنه تفرغ لتلك المهمة‪،‬‬
 ‫العجوز على راحته‪ ..‬يو ًما بعد يوم يتابعونه‪ ،‬الأمر‬
    ‫الوحيد اللافت؛ أن الجد بدا أقصر طو ًل وأكثر‬                  ‫أن يحيل صورته إلى كائن حي بينهم‪.‬‬
    ‫نحافة‪ .‬لخطورة الأمر أحضروا الأطباء من كل‬         ‫طلب من الجميع أن يضعوها فوق مقعد الصدارة‪..‬‬

 ‫التخصصات‪ ..‬فشل الطب والأطباء‪ ،‬الجد يتضاءل‬               ‫حول الموائد‪ ..‬وبقاعة استقبال الضيوف؛ حتى‬
        ‫بشكل لافت‪ ،‬كل أعضائه تخبو إلا صوته!‬         ‫شعروا جمي ًعا بحرارة جسده فوق أسرتهم‪ .‬الذكور‬

      ‫وبقى موضوع صوته الزاعق الذى يعبر عن‬                ‫منهم لم يعد يغفل لهم جفن‪ ،‬الأزواج يتابعون‬
     ‫عنفوان وقوة ما بعدها قوة‪ .‬بدأ يأمرهم بأمر‬           ‫الزوجات أثناء تقلبهن على السرير‪ ،‬والمراهقات‬
 ‫غريب‪ :‬أن يضعوه على البرواز الذهبى الذى يحيط‬            ‫القادرات على ولادة الأحلام‪ ،‬بدأن بالبحث تحت‬
    ‫بالصورة‪ ..‬تم له ما أراد فحجمه أصبح بحجم‬         ‫جلبابهن قبل الخلود إلى النوم‪ ،‬وفى الصباح يهمسن‬
    ‫الفأر‪ ،‬ومع ذلك لم يحزن أحدهم‪ ..‬المشهد الذى‬      ‫إلى بعضهن بما يشعرن به من عسعسة وقشعريرة‪.‬‬
‫جعلهم يبكون أخي ًرا‪ ،‬يوم أن أصبح فى حجم النملة‬      ‫فلما بلغ الهمس والنمنمة ̛أذن الرجل العجوز‪ ،‬ولأن‬
                                                     ‫تاريخ البطل الخفي فيه من الخبائث ما يشيب منه‬
                              ‫وبلا صوت البتة!‬        ‫الولدان‪ ..‬قرر أن ينقل الصور كلها ﺇلى غرفة نومة‪،‬‬

    ‫‪-4-‬‬                                                                        ‫ويكتفى بواحدة منها‪.‬‬
                                                    ‫انتهت المهمة‪ ،‬ذهب الجميع‪ ،‬إلا من الجد الذى فضل‬
‫فلما كبر الولد حفيده‪ ،‬بدا وكأنه من بلاد العماليق‪..‬‬
    ‫ذات يوم قريب تجهم وهو يقول لجده العجوز‪:‬‬             ‫أن يبقى نهار يومه وليلته‪ ،‬برفقة صورة البطل‬
                             ‫“أخرج من البيت”‪.‬‬            ‫وحده‪ ،‬فلما فتحوا عليه باب الغرفه فى الصباح‬
  ‫المحارب العجوز الملتصق بركن الغرفة‪ ،‬المتشرنق‬

‫في جلبابه‪ ،‬رفع رأسه أخي ًرا من بين ركبتيه‪ .‬ولجت‬
   ‫نظرة تائهة من خلال عينيه المدغمستين‪ ،‬يحاول‬
             ‫رؤية فتوة الولد الطافحة من لسانه‪.‬‬
                         ‫انفعل الحفيد أكثر‪ ،‬قال‪:‬‬
              ‫“سوف أتزوج‪ ،‬ولن يسعنا البيت”‪.‬‬
  ‫الجد العجوز المقاتل القديم‪ ،‬أو البطل القديم‪ ،‬عاد‬
   ‫ودس رأسه فيما بين ركبتيه‪ ،‬إلى ما بين فخذيه‪،‬‬
             ‫عاد وتكور ثانية‪ ،‬ولم ينطق‪ ..‬لم يرد!‬
                 ‫اندفع الحفيد نحو الجد يصرخ‪..‬‬
  ‫فشل الحفيد في أن يجعل الجد‪ ،‬يرفع رأسه‪ ..‬وأن‬
                                     ‫يستنطقه‪..‬‬

‫فلما شعر الحفيد بالرجفة الغريبة‪ ،‬التي قبضت على‬
                      ‫أطرافه فور ملامسة الجد‪..‬‬
                          ‫تساءل دون أن ينطق‪:‬‬

       ‫“يبدو أن شتاء هذا العام‪ ..‬شديد البرودة”!‬
   92   93   94   95   96   97   98   99   100   101   102