Page 7 - ميريت الثقافية العدد 30- يونيو 2021
P. 7

‫افتتاحية ‪5‬‬

    ‫واللفظ للبخاري بسنده عن أبي سعيد‬                                                                                                                                                                                                       ‫تأخذ هذين الطابعين‪ ،-‬وإنما تستخدم‬
‫الخدري قال‪ :‬خرج رسول الله في أضحى‬                                                                                                                                                                                                        ‫وسائل أكثر نعومة‪ ،‬ليس هنا مجالها على‬
‫أو فطر إلى المصلى‪ ،‬فمر على النساء‪ ،‬فقال‪:‬‬
                                                                                                                                                                                                                                            ‫أي حال‪ ،‬كما أنها لا تنفي أن الحالات‬
    ‫يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن‬                                                                                                                                                                                                     ‫المعاكسة طاغية بما لا يقارن‪ .‬والثاني أن‬
 ‫أكثر أهل النار‪ .‬فقلن‪ :‬وبم يا رسول الله؟‬                                                                                                                                                                                                ‫ثمة حالات ادعاء متعددة‪ ،‬تخلط بين أفعال‬

   ‫قال‪ :‬تكثرن اللعن‪ ،‬وتكفرن العشير‪ ،‬ما‬                                                                                                                                                                                                      ‫عادية يمكن أن تحدث بفعل الانجذاب‬
  ‫رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب‬                                                                                                                                                                                                       ‫(الطبيعي) بين الجنسين‪ ،‬وبين التحرش‪،‬‬
                                                                                                                                                                                                                                         ‫يقف وراءها ‪-‬حالات الادعاء هذه‪ -‬نفس‬
     ‫الرجل الحازم من إحداكن‪ ،‬قلن‪ :‬وما‬
 ‫نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال‪:‬‬                                                                                                                                                                                                     ‫فكرة ارتباك العلاقة بين الجنسين على‬
                                                                                                                                                                                                                                                    ‫أساس ديني‪ /‬إسلامي غالبًا‪.‬‬
    ‫أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة‬                                                                                                                                                                                                                     ‫دعنا ندخل في الموضوع‪.‬‬
  ‫الرجل؟ قلن‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فذلك من نقصان‬
                                                                                                                                                                                                                                         ‫اللافت أن «الدين»‪ ،‬وأنا أضع الكلمة بين‬
    ‫عقلها‪ ،‬أليس إذا حاضت لم تص ِّل ولم‬                                                                                                                                                                                                       ‫قوسين لأني مفهومها ليس ثابتًا ولا‬
   ‫تصم؟ قلن‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فذلك من نقصان‬
‫دينها‪ .‬والمعنى ذاته يتأكد بالآية التي تقول‬                                                                                                                                                                                                 ‫مطل ًقا‪ ،‬وإنما يخضع لتفسيرات متعددة‬
 ‫إن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل ولا‬                                                                                                                                                                                                      ‫ومتعارضة في كثير من الأحيان‪ ،‬ترتبط‬
‫ااَيفَْل َعُشلر ُّتِهْشُدخجيَهََردٌَلدبْٰياىَِءِونش«ا َأ‪.‬هْمِامنَ(ردانَأا َتلَتابِّرت ِقِنَضارجلَّالةنِملِ‪:‬إَُِّمكسْْماح‪2‬ن َءد َ‪8‬اَفتإُِْفره‪2‬قَن)م َاطضَّ َْْلفو« ُت ََََيونذا ُكِّك ِْمَورس ََنَنتاإِ َْْرشح َُِهدجاَُلد ُْيهو َاِنما‬
                                                                                                                                                                                                                                            ‫بالزمان والمكان المنتجين لهذا المفهوم‪.‬‬
        ‫تلك النصوص ‪-‬وهي كثيرة أتيت‬                                                                                                                                                                                                           ‫اللافت أن «الدين» يحيل العلاقة بين‬
  ‫بممثلات عنها فقط‪ -‬تحيل إلى أن يعتقد‬                                                                                                                                                                                                     ‫الرجل والمرأة إلى مفهوم الطغيان الكامل‬
                                                                                                                                                                                                                                          ‫للرجل‪ ،‬والطاعة الكاملة للمرأة‪ .‬الطغيان‬
      ‫الرجل اعتقا ًدا أن المرأة ما خلقت إلا‬                                                                                                                                                                                              ‫للرجال على النساء لأن “الرجال قوامون‬
 ‫لإرضاء شهوته‪ ،‬متا ًعا للجنس فقط‪ ،‬وأن‬                                                                                                                                                                                                       ‫على النساء بما فضل الله بعضهم على‬
  ‫جسدها ليس ملكها بل ملك الرجل الذي‬                                                                                                                                                                                                       ‫بعض‪ ‬وبما أنفقوا من أموالهم” (النساء‪:‬‬
 ‫(يستمتع) به‪ ،‬سواء بالزواج الشرعي أو‬                                                                                                                                                                                                      ‫‪ ،)34‬و”للرجال عليهن درجة” (البقرة‪:‬‬
  ‫بملك اليمين والمتعة والمسيار‪ ،‬والأشكال‬                                                                                                                                                                                                ‫‪ ،)228‬النصان واضحان تما ًما في تفضيل‬
                                                                                                                                                                                                                                              ‫الرجال على النساء‪ ،‬وفي أسباب هذا‬
    ‫المتعددة التي أتاحها الإسلام وفقهاؤه‬                                                                                                                                                                                                   ‫التفضيل‪ ،‬بصرف النظر عن المحاولات‬
        ‫للرجال‪ .‬والمفاجئ هنا أن كثيرات‬                                                                                                                                                                                                     ‫التي تريد تخفيف هذا الفهم بتفسيرات‬
                                                                                                                                                                                                                                            ‫ملتوية‪ ،‬والتفضيل هنا لسببين‪ :‬الأول‬
      ‫من النساء أنفسهن يعتبرن أنفسهم‬                                                                                                                                                                                                      ‫طبيعة الخلق نفسها (فضل الل ُه بعضهم‬
   ‫وأجسادهن كذلك بالفعل‪ ،‬وهو ما يقف‬                                                                                                                                                                                                       ‫على بعض)‪ ،‬والثاني نتيجة إنفاق الرجل‬
                                                                                                                                                                                                                                          ‫على المرأة‪ ،‬ومن ينفق يحكم بالضرورة‪..‬‬
       ‫وراء صور التعدي الجنسي داخل‬                                                                                                                                                                                                            ‫ويستتبع هذين الملمحين ‪-‬التفضيل‬
  ‫البيوت تحت ستار زواج شكلي لا تكون‬                                                                                                                                                                                                         ‫الخلقي والإنفاق‪ -‬أن الرجل ينظر إلى‬
  ‫المرأة راضية عنه‪ ،‬وقد لا يكون الطرفان‬                                                                                                                                                                                                    ‫المرأة باعتبارها جز ًءا من أملاكه‪ ،‬مهما‬
                                                                                                                                                                                                                                        ‫حاول أن يغلف هذا الفهم بعبارات حداثية‬
                              ‫راضيين!‬                                                                                                                                                                                                    ‫وتصرفات مبطنة‪ ،‬فالأصل ‪-‬الذي يظهر‬
       ‫المفهوم الديني الآخر المكمل لعقلية‬                                                                                                                                                                                               ‫جليًّا وقت الخلاف‪ -‬أن الرجل يملك المرأة‪،‬‬
   ‫الانتهاك هي فكرة «الستر» المستند إلى‬                                                                                                                                                                                                 ‫وهي ناقصة ليست مكتملة حسب الحديث‬
   ‫حديث منسوب للنبي ورد في البخاري‪،‬‬                                                                                                                                                                                                        ‫الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما‪:‬‬
      ‫يقول الرسول‪ :‬كل الناس معافى إلا‬                                                                                                                                                                                                        ‫البخاري (‪ ،)68 /1‬ومسلم (‪)86 /1‬‬
    ‫المجاهرون‪ ،‬قالوا‪ :‬كيف ذلك يا رسول‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12