Page 153 - b
P. 153

‫على أي نحو في النقوش والجداريات الفرعونية‪ ،‬تلك التي تحدثت‬
‫عن آمون وآتون وأخناتون والتوحيد والكهنة والملوك والمهندسون‬
‫والعمال‪ ..‬إلخ‪ ،‬وهذا بالطبع محل تعجب‪ ،‬ولو قيل إن موسى كان‬
‫ضد الفراعين فكان من الممكن أن يأتي ذكره بالسلب‪ ،‬لكن هذا أي ًضا‬

                                                    ‫لم يحدث‪.‬‬
‫القراءة تبين أن هناك عدة أصول لقصة شق البحر‪ ،‬سأتوقف عند‬

              ‫اثنين منها‪ ،‬أحدهما من العلم والثاني من الأساطير‪:‬‬
‫الأصل العلمي‪ :‬يقول إنه في الفترة المفترضة لوجود موسى‬
‫وخروج العبرانيين من مصر‪ 1500 :1000 ،‬قبل الميلاد‪ ،‬و»بالبحث‬
‫عن التاريخ المناخي لهذه المنطقة‪ ،‬نكتشف أنه في الحقبة الزمنية التي‬
‫واكبت حادثة الخروج (‪ ١٦٠٠‬أو ‪ ١٥٠٠‬ق‪.‬م) حدثت كارثة طبيعية‬
‫أثرت في جغرافية ومناخ منطقة حوض البحر المتوسط‪ ،‬ألا وهي‬
‫الانفجار البركاني في جزيرة سانتوريني‪ ،‬أحد جزر اليونان على بعد‬

                                            ‫‪ ٧٠٠‬كم من مصر‪.‬‬
‫هذا البركان كان من القوة بحيث أنه دمر الجزيرة تما ًما وأتى‬
‫على ساكنيها جمي ًعا (مينوان)‪ ،‬يقدر عنف هذا البركان بآلاف المرات‬

                                         ‫عنف قنبلة هيروشيما‪.‬‬
‫تدفقت اللافا المندلعة من البركان إلى البحر‪ ،‬مما سبب موجات‬
‫تسونامي عنيفة يقدر طولها بما بين ‪ ٧‬و ‪ ١٥‬مت ًرا‪ .‬ونتج أي ًضا انزلاق‬
‫في قاع البحر في السواحل الشمالية الشرقية من أفريقيا والذي أدى‬
‫بدوره إلى حدوث زلازل قد تصل شدتها إلى ‪ ٥‬ريختر‪ ،‬وانتشار‬
‫كميات كثيفة من الرماد البركاني‪ .‬هذه التغيرات الجيولوجية من‬
‫الممكن أن تؤدي إلى هبوط في الصفائح الأرضية تحت البحر‪ ،‬مما‬

                           ‫يسبب ظهور اليابسة في محل الهبوط‪.‬‬
‫وهناك تأثير آخر لهذه الحادثة‪ ،‬فإن الغبار البركاني الذي انتشر‬
‫في المنطقة بالتأكيد سبب تغيرات في المناخ والنظام البيئي‪ ،‬مثل الظلام‬

                             ‫‪153‬‬
   148   149   150   151   152   153   154   155   156   157   158