Page 83 - Book-1-interactiv
P. 83

‫(ا ألحزاب‪ )٤٥،٤٦‬وعلى هذا سارت الرسالات قبل محمد‪ ،‬فإذا طغى القوم‬

‫واستهانوا بعذاب الله جاءهم ما كانوا به يستهزءون‪»،‬فعقروها فقال لهم تمتعوا‬
‫في داركم ثلاثة أ�يام ذلك وعد غير مكذوب»(هود‪ )65‬ومعنى هذا أ�ن السورة‬
‫(نوح) تقرر حال قوم نوح قبل أ�ن ي أ�تيهم العذاب مباشرة؛ ولهذا كان مرورها على‬
‫حال نوح معهم مرورا م�كثفا ُعني بإثبات الخلاصة أ��كثر من التفصيل الذي ورد‬

                    ‫في سور أ�خرى لجوانب من قصة نوح مع قومه‪.،‬‬
‫والمعنى‪ :‬أ�ي آ�منوا ولو خوف العاقبة أ�و خوف العقاب (العذاب ا ألليم) الذي‬
‫أ�صبح وشيكا فبعد أ�لف عام إلا خمسين عاما مكث فيها نوح يدعو قومه للإيمان‬
‫وهم عنه معرضون؛ منه ساخرون؛ وبه يستهزءون؛ كان الله قد ضرب لهم أ�جلا‬
‫وكان نوح ينذرهم حلول هذا ا ألجل “حتى إذا استي أ�س الرسل وظنوا أ�نهم قد‬
‫كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء ولا يرد ب أ�سنا عن القوم المجرمين” (يوسف‬

                                                ‫‪.)110‬‬
‫‪( -4‬قومك) أ�ضاف (قوم) للمرة الثانية إلى الضمير المتصل المخاطب العائد‬
‫على نوح (ك) وهذا من كمال الرؤية (فإرساله لقومه أ�دعي أ�ن يؤمنوا به وإرسالك‬
‫لقومك أ�دعى أ�ن تكون حريصا عليهم شفوقا بهم مخلصا في دعوتهم‪ ..‬وكان‬
‫حري بهم أ�ن يدركوا هذا) فهذان سببان منطقيان لكي تسير الدعوة من الداعي‬

‫إلى المدعوين على نحو إيجابي وسيرها على غير ذلك وهو الواقع مدعاة للتعجب‬
‫وهذا ما تلح عليه السورة ف أ�ن تقول (إنا أ�رسلناه إلى قومه ‪ -‬أ�ن أ�نذر قومك) هذا‬

‫خطاب فيه اشارات بليغة تجمع فيها ما يستوجب حصول الاستجابة فكيف‬
                             ‫ب ِّي ٌن‬        ‫أ�يديكم‬  ‫كنتم من الحماقة ف أ�فلت من بين‬
‫لهؤلاء‬  ‫تقريع‬  ‫ففيها‬  ‫كهذا‪،‬‬            ‫رباح‬             ‫الذين كان عاقبة أ�مرهم خسارا‪.‬‬

‫تجليات في سورة نوح ‪81‬‬
   78   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88