Page 87 - Book-1-interactiv
P. 87
إنما يحرص على دعوتهم ويلح فيها هذا الالحاح ألنه مكلف بها لا من عند نفسه،
وما تحمله ما تحمل في سبيل أ�دائها إلا ألجل هذا التكليف؛ وليس لضعف في
أ�مره؛ أ�و لهوان في نفسه؛ أ�و جدال أ�و ضلالة إلى غير ذلك مما اتهموه به؛ “قال
يا قوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين ،أ�بلغكم رسالات ربي
وأ�نصح لكم وأ�علم من الله مالا تعلمون”(ا ألعراف ،)61،62وجعل في الكلام
(يا قوم) ليقربهم برغم أ�ن غرض الجملة إثبات أ�نه مرسل إليهم ينذرهم) فجمع
في الجملة الهدف الرئيس إلى هدف آ�خر هو كونهم أ�هله وعشيرته وقومه لبيان
حرصه عليهم فهو لم يقل مثلا (قال إني لكم نذير مبين) وهذا معنى م�كتمل
بالقياس إلى ما ورد قبله من آ�يات ذكرت قومه أ��كثر من مرة غير أ�ن ا آليات تصر
على مواطن التعجب من هؤلاء القوم لذا ذكرت ما كان يمكن حذفه.
-4قدم المتعلقات (لكم) على خبر الجملة من كونه نذير ليصب مزيدا من
الاهتمام بهم ويصب في وعيينا مزيدا من التعجب لحالهم إنه يقول (يا قومي
إني لكم( ،)..إني لكم )..و(لكم) توحي أ�ن ما هو عليه من خير إنما هو لهم؛ نفع
لهم؛ ربح لهم؛ ملك لهم ومفازة لهم؛ وليس وبالا عليهم؛ حين يحدث قومه
بعذاب قادم؛ فيوشك القوم أ�ن يتشاءموا منه؛ فهو يلح هنا على أ�نه يريد لهم
الخير بقدر ما هو نذير لهم ،فهو مثلا لم يقل (إني فيكم نذير) أ�و (إني عليكم
نذير) ،وإنما جعل كونه نذير يصب في صالحهم؛ فهو لهم وليس عليهم ،وهذا
من بديع النظم.
أ�و ظاهر ب ِّين ،فهو لم ب أ�نه مبين أ�ي ُم َف ِ ّص ٌل وصف النذير ( -5نذير مبين)
كيف تكون لهم النجاة وإنما ب َّي َن ووصف لهم ينذرهم منه، يخوفهم شيئا مبهما
(بالإيمان) وفصل وأ�سهب ،ولعله جاءتهم من العلامات ما تتوقع الطوفان فهو
تجليات في سورة نوح 85