Page 84 - Book-1-interactiv
P. 84

‫‪ -5‬تكمل ا آلية لتقر ما أ�شرت إليه في النقطة الثانية وهو الإنذار من العذاب‬
‫الوشيك وهو علة الإنذار نفسها (من قبل أ�ن ي أ�تيهم عذاب أ�ليم)‪ .‬ولقد وقفت‬
‫طويلا أ�مام حرف الجر الزائد (من) فالسياق مفهوم إذا قلنا (أ�ن أ�نذر قومك قبل‬
‫أ�ن ي أ�تيهم عذاب أ�ليم) فلماذا كان هذا الحرف الزائد‪ ،‬و دار في وع��يي أ�نها من‬
‫قبيل الرحمة ففيها (ريث) وفصل بي ٌن؛ يسمح لك باستيعاب المقطع القادم‬
‫(قبل أ�ن ي أ�تيهم عذاب‪..‬أ�ليم) وفيها ما يشير إلى اتساع الوقت قبل وقوع‬
‫العذاب ولو على سبيل التفكر‪ ،‬أ�ما كلمة (ي أ�تيهم) هذه الكلمة ذات المقطعين‬
‫الصوتيين يفصل بينهما س�كتة لطيفة (ي أ� تي) فعلاوة على أ�نها أ�ضيفت للضمير‬
‫المتصل العائد على قوم نوح تحديدا (يعني ي أ�تيهم وليس ي أ�تيكم) فالعذاب‬
‫محيط بالكافرين وإن كان يشهده المؤمن والكافر على حد سواء “ قل أ� أر�يتم‬
‫إن أ�تاكم عذاب الله بغتة أ�و جهرة‪ ،‬هل يهلك إلا القوم الظالمون”(ا ألنعام ‪،)47‬‬
‫علاوة على هذه الإضافة فإن اختيار لفظه (ي أ�تي) نفسها دون (جاء) مثلا فيه ما‬
‫فيه من (وقف وقوع هذا العذاب علي عملهم) “إن أ�حسنتم أ�حسنتم ألنفسكم‬
‫وإن أ�س أ�تم فلها”(الإسراء‪ )7‬فمن المعروف أ�ن لفظة (أ�تى) فيها من التريب في‬
‫وقوع الشيء فهو غير محقق يقينا وإنما ُيرجى تحققه (أ�و نسوقه سوقا للتحقق‬
‫_مع الكراهة أ�و مع المشقة_ إذا كان لابد منه؛ وهذا ما جعلني أ�زعم أ�ن وقوع‬
‫العذاب مرهون قطعا بتصرفهم حتى مع اللحظات ا ألخيرة قبل وقوع العذاب؛‬
‫فهم بع ُد في زمن المهلة؛ قبل وقوع ا ألجل “ولو أ�ن أ�هل القرى آ�منوا واتقوا‬
‫ل�كفرنا عنهم سيئاتهم‪(« ..‬المائدة‪ )65‬وهذا مما يؤكد الله به دائما أ�ن المرء مخير‬
‫وإنما ت أ�تي الاشارات القطعية بوقوع أ�ي حدث من منطلق علم الإحاطة الموقوف‬

                           ‫لله تعالى دون خلقه؛ علام الغيوب)‪.،‬‬

                                                    ‫‪82‬‬
   79   80   81   82   83   84   85   86   87   88   89