Page 141 - m
P. 141

‫نون النسوة ‪1 3 9‬‬                                                          ‫إن جئت على عجل أثب‬
                                                                           ‫أحمل أفرا ًحا في عين َّي‬
   ‫بل تستعيد أشكا ًل سابقة للوجود‪ ،‬لهذا فضلت‬
     ‫البحث عن البديل للتعبير عن دواخلها وإثبات‬                               ‫وقلبًا مضاه الحب‪.‬‬
 ‫كينونتها كذات وكامرأة متمردة في عالم التصوف‬           ‫عندما نتأمل المقاطع الشعرية نلاحظ هيمنة‬
                                                 ‫القاموس الصوفي على ديوانها من خلال اشتغالها‬
             ‫الذي هو عالم تحقيق الذات بامتياز‪.‬‬  ‫على مجموعة من الكلمات التي شكلت بها نصو ًصا‬
                                                      ‫شعرية مثل‪( :‬الليل‪ /‬النهار‪ /‬الحب‪ /‬النار‪/‬‬
        ‫من التمرد إلى الكتابة‬                         ‫الجمر‪ /‬تحتجب‪ /‬النور‪ /‬الصبح‪ /‬الشوق‪/‬‬
                                                ‫الشمس‪ /‬الصباح‪ /‬السماء‪ /‬يجلى البصر‪ /‬الأجل‬
   ‫النصوص مثل لعبة الشطرنج كما عبر عنها‬
  ‫دوسوسير‪ ،‬في الحقيقة يمكن لهذه النصوص‬                       ‫السرمدي‪ /‬القدر‪ /‬نم قرير العين‪)..‬‬
                                                      ‫القاموس الصوفي الذي شكل محور العملية‬
      ‫أن تكون بأغلفة متعددة‪ ،‬كلما نزعنا منها‬         ‫الشعرية من خلال توظيف كلمات أسهمت في‬
     ‫غلافها وصلنا إلى دلالات ومعاني‪ ،‬وقدرة‬           ‫إعطاء نغمة موسيقية لنصوصها‪ ،‬فقد فضلت‬
     ‫الشاعرة تجلت في كيفية استيعاب منظومة‬         ‫النور الإلهي والحب الوجودي على البقاء والنظر‬
                                                ‫في هواجس الحياة‪ ،‬لأنها أدركت أن الحياة لا معنى‬
                 ‫الشطرنج في بناء نص موا ٍز‪.‬‬      ‫لها في غياب المنظومة الشعرية كما عبر عنها‬
     ‫إذن النصوص من منطلق ديوان الشاعرة‬           ‫هيدغر‪ ،‬أي أن الشاعرة استعانت بالشعر‬
    ‫عكست لنا البعد التأملي الصوفي الذي يدفع‬           ‫للهروب من زحمة الحياة التي لا‬
       ‫إلى الرؤية والنظرة الجديدة للحياة ولكل‬     ‫معنى لها‪ .‬ربما سيكون هذا الهروب‬
    ‫الموجودات‪ ،‬ذلك أن الوجود الميتافيزيقي في‬       ‫اضطرار ًّيا لأنه يخلصها من صدمة‬
‫عوالم الإنسان غير مرئي وغير جدير بالوقوف‬
      ‫عليه أو التأمل فيه‪ ،‬لكن الشاعرة سخرت‬                          ‫الحياة وفلسفتها‪.‬‬
    ‫الشعر في التعبير عن ذاتها وكيانها‪ .‬ذلك أن‬    ‫الحياة مقابل الشعر تصبح ذات معنى‬
  ‫الشعر يستند إلى الخيال بالدرجة الأولى‪ ،‬فهو‬
    ‫يشبه الحياة باعتبارها خيا ًل من نوع آخر‪،‬‬       ‫من منظور هايدغر‪ ،‬لهذا استعانت‬
 ‫وبعي ًدا عن الميتافيزيقا التي هي نوع من أنواع‬  ‫الشاعرة بالتجربة الشعرية لعلاج‬

         ‫الهروب صوب الخيال بطريقة أخرى‪.‬‬             ‫ذاتها من أزمة الوجود الحاد‬
   ‫ربما سيكون هذا الخيال الشعري عن طريق‬           ‫الذي لا يقضي إلى شيء بقدر‬
  ‫نظام الصور الشعرية الذي هو بدوره طريقة‬        ‫ما يجعل الشاعرة تعيش القلق‬
   ‫في الكتابة تجمل النص الشعري وتصور لنا‬
‫البعد الكامل للمنظومة الشعرية‪ .‬تقول الشاعرة‬         ‫الذاتي‪ ،‬ويسبب شعورها‬
 ‫عبير زكي في ديوانها نصف احتمال للفرح من‬        ‫بأنها لا تحقق وجو ًدا خا ًّصا‬

            ‫قصيدتها لي وحدي‪ /‬الذكر المؤبد‪:‬‬
                           ‫لي يضحك النبض‬
                             ‫لي يرقص الحب‬

                    ‫لي يطمئن الشتاء الحزين‪.‬‬
   ‫ونقول في أعقاب هذا المقطع الذي يلخص كل‬

                                      ‫شيء‪:‬‬
                    ‫ولنا أجمعين تفيء المعاني‬
   136   137   138   139   140   141   142   143   144   145   146