Page 187 - m
P. 187

‫‪185‬‬  ‫الملف الثقـافي‬

 ‫فمن هو ألفريد جاري؟ وما‬        ‫الخصوص‪ ،‬وبالكوميديا دي‬        ‫والماورائي (الميتافيزيقي)‪،‬‬
‫هي فلسفة الباتافايزيقا التي‬
                                ‫لارتي واكتشافات علم النفس‬     ‫إذا سلمنا بأن الميتافيزيقا‬
  ‫اقترحها عو ًضا عن المنطق‬
   ‫الصوري وعن الميتافيزيقا‬      ‫فيما يتعلق بمنطق اللعب‬        ‫تتبع السببية الأرسطية‪ ،‬ولو‬

         ‫م ًعا؟ وما هي قصة‬      ‫الإيهامي للأطفال‪ ،‬وإلى تأثير‬  ‫بعلاقة الاختلاف أو التجاوز‪،‬‬
   ‫عرض "أوبو ملكا"‪ ،‬وهذا‬
   ‫الانفجار الفني الذي نجم‬      ‫جاري ومسرحه في مسيرة‬          ‫إذ اقترح جاري منط ًقا ثالثًا‬
   ‫عن عرض المسرحية لأول‬
  ‫مرة في باريس على مسرح‬         ‫المسرح الطليعي وتياراته‬       ‫أطلق عليه «الباتافيزيقا» أو‬

               ‫‪L’Oeuvre‬؟‬        ‫الحديثة‪ ،‬وعلاقته بمسرح‬        ‫«فلسفة الحلول الخيالية»‬
    ‫في العقدين الأخيرين من‬
 ‫القرن التاسع عشر‪ ،‬شهدت‬         ‫الدمى وخيال الظل‪ ،‬وإلى‬        ‫التي يتعذر تعريفها تعري ًفا‬
     ‫فرنسا نو ًعا من المسرح‬
    ‫الرمزي اتخذ منذ البداية‬     ‫استشرافه لمستقبل البشرية‬      ‫يجمع بين الشمول والتحدد‬

      ‫من ًحى لا عقلاني‪ ،‬غير‬     ‫من جهة‪ ،‬ومقاربته لفنون‬        ‫في آن‪.‬‬
     ‫محتشم‪ .‬وكأن الصيغة‬
    ‫الرمزية الأساسية كانت‬       ‫طباعية أثرت في تيارات‬         ‫وعلى تنوع مداخل الحديث‬
‫تحمل‪ ،‬بشكل مضمر‪ ،‬عوامل‬
  ‫إفسادها‪ .‬ومثلما ينم بعض‬       ‫المسرح والسرد وفنون الأداء‬    ‫عن ألفريد جاري وعن «أوبو‬
‫الشعر الرمزي عن اللا منطق‬
   ‫والشاذ من خلال الصور‬            ‫بما فيها الكوميكس وفن‬      ‫ملكا» فإن هذا الحديث يظل‬
  ‫البهلوانية والنتائج المخالفة‬  ‫الرسوم المتحركة والتجريب‬      ‫ممت ًّدا إلى تأثر مسرح جاري‬
 ‫لمقدمتها في الفكر والشعور‪،‬‬      ‫المسرحي بمفهومه الحديث‪.‬‬       ‫بالمسرح الإليزابيثي عمو ًما‬
     ‫فإن المسرح اللا واقعي‬      ‫ولقد أطلق مصطلح التجريب‬       ‫ومسرح شكسبير على وجه‬
‫يشكل دعوة مفتوحة لتحويل‬
    ‫الواقع إلى حلم وكابوس‪،‬‬      ‫في مجال‬
  ‫وبرو ًزا في الهجاء العنيف‪.‬‬
    ‫في الثالثة والعشرين من‬        ‫المسرح في‬
   ‫عمره‪ ،‬وجد الفريد جاري‬
   ‫(‪ )1907 -1873‬الطريقة‬         ‫أواخر القرنكا» ‪ ..‬المسرح كمرآة‬
 ‫التي مكنته من الابتعاد كليًّا‬
 ‫عن كل من الواقعية المبتذلة‬     ‫الماضي على‬
 ‫والرومانسية المغرورة لدى‬
                                   ‫مسرحية‬                     ‫ـشية للإنسان‬
           ‫بعض الرمزيين‪.‬‬             ‫الفريد‬
       ‫كان لونييه بو يمتلك‬
  ‫الجرأة على تقديم أي شيء‬       ‫جاري «أوبو‬
       ‫على مسرحه‪ ،‬الأوفر‪،‬‬
    ‫وقد تميز بتقديم الهزلية‬     ‫ملكا» في ليلة‬
     ‫(فا ْرس) الرمزية «أوبو‬
                                ‫عرضها الأولى في العاشر من‬

                                ‫ديسمبر ‪ 1896‬إذ أصبحت‬
                                ‫مث ًل أعلى يحتذي به أصحاب‬

                                ‫اتجاه الحركة المستقبلية‬

                                ‫والدادية والسريالية واتجاه‬

                                ‫العبث وغيرها من الاتجاهات‬

                                ‫الحديثة(‪ .)1‬فبعد أن عرضت‬
                                ‫مسرحية «أوبو مل ًكا» لم يعد‬

                                ‫ممكنا بقاء المسرح على ما‬

                                ‫كان عليه‪ .‬فالتجربة المسرحية‬

                                ‫بكل عناصرها قد نقلت إلى‬

                                ‫لغة جديدة‪ ،‬في اللحظة ذاتها‪،‬‬

                                ‫وبصورة لا يمكن معها أن‬

                                ‫تعود إلى ما كانت عليه مرة‬

                                               ‫أخرى»(‪.)2‬‬
   182   183   184   185   186   187   188   189   190   191   192